خاص: ألغام “داعش والأسد”.. مصيدة مدنيي درعا

13043742_480936815430737_984502216521126218_n

زيتون – اسامة عيسى

في إطار الحرب التي تخوضها فصائل الجيش الحر منذ سنوات في درعا في مواجهة نظام الأسد، وبعدها الحرب التي تبعتها بظهور تنظيم “داعش” وتنظيمات أخرى معادية للثورة، يستمر سقوط ضحايا جدد من المدنيين بشتى أصناف الموت، بين القصف والقنص والرصاص العشوائي والإعدامات الميدانية، وأيضاً الانفجارات الناجمة عن مخلفات الحرب والقصف اليومي، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات استمرار سقوط الضحايا، دون حل ناجع في التعامل مع هذه المعضلة.

وتشير المعلومات الواردة لـ”زيتون” إلى أن النظام السوري ترك وراءه كميات كبيرة من الألغام الفردية والمخصصة للعربات لا زالت متواجدة في بقع عديدة من أرياف درعا وكذلك مدينتها، حيث لم يمكن الوصول إليها، وهي تتوزع في مناطق كانت تشكل قطعاً عسكرية لجيش النظام وقواته الأمنية، وكذلك في أراض كانت تشكل حرماً لها، حيث كان يمنع على أصحابها زراعتها أو الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال.

ربا الحوراني، ناشطة من ريف درعا الغربي، تقول لـ”زيتون” إن عشرات الدونمات من الأراضي الزراعية أضحت ملغمة من قبل فصائل متشددة متواجدة في المنطقة، وتشير بها إلى كل من تنظيمات “لواء شهداء اليرموك” و”حركة المثنى الإسلامية” و”جيش الجهاد”، وتقول إن تلك الفصائل لغمت أراضي عشوائية في إطار المعارك الدائر بينها وبين فصائل الجيش الحر والإسلامية على رأسها “جبهة النصرة” و”أحرار الشام”.

وتضيف “يقولون في العالم أن معيارهم الأساسي في الحروب هو حماية المدنيين، أين هم المدنيون؟ وأين هم المعنيون بحقوقهم؟ وعن أي حق نتحدث!! إنه حق الحياة، عشرات الأطفال والمدنيين عموماً الآن معرضين للموت كالفئران، هنا ألغام زرعها النظام وهناك متفجرات وعبوات تقوم بوضعها خلايا داعش في المنطقة، ناهيك عن الواقع المأساوي أصلاً الذي يعاني منه السكان، فاين المفر؟ وماذا سيحصل؟ هل المطلوب من المدنيين العزل أن يستمروا في الموت على يد تنظيم مجرم ونظام أشد إجراماً لا زالا يستبيحان الدماء البريئة، تارة في منابر المنظمات الدولية نفسها، وتارة أخرى على سمعها ومرآها دون تحريك ساكن..!!”.

“أبو حسن” قيادي ميداني في “الفيلق الأول” أفاد بأن قوات مختصة متواجدة لدى الفصائل التابعة للجيش الحر في درعا وريفها، وهي مدربة على أعمال إزالة الألغام والمتفجرات والتعامل بحذر مع هذا الموضوع، لكنه قال إن “الأمور بشكل عام هي تحت سيطرة الفصائل”.

ويضيف: “من الطبيعي في الحروب أن يكون هناك تأثيرات جانبية لها وأفعال من قبيل الانتقام يقوم العدو بوضعها قبيل انسحابه أو طرده من مناطق تواجده، الألغام في درعا والمتفجرات ملف شائك بالفعل، وهو بحاجة لمتابعة وتدريب فرق مختصة من الهندسة للتعامل معه، وإلا ستكون النتائج غير حميدة، ونحن نسير على هذا الاتجاه حالياً، حيث يسبق كل معركة ويتبعها عمليات تمشيط عامة وشاملة للمواقع المستهدفة ومحيطها القريب والبعيد وأية مناطق أخرى تدور شكوك حولها”.

من جانبه، يقول ناجي محاميد، وهو أحد سكان ريف درعا الأوسط: “صرنا نخشى أن نمشي في الشوارع والأزقة، كما نحسب ألف حساب إذا ما فكرنا بعبور قطعة أرض زراعية، لا تدري في أي مكان قد تدوس وينفجر بوجهك لغم قد يجعلك في عداد الموتى، وهذا الأمر تعلم به الفصائل المتواجدة هنا.. هي تبذل جهودها في التعامل معه، لكن الأمر جد خطير إذا لم يعالج على نطاق أوسع”.

بدوره، يعتبر محمد خوالدة، النازح في ريف درعا الغربي، أن “الفرار إلى المجهول هو أفضل حل، بعد أن أصبح الموت يلاحق المدنيين من كل الأطراف”، ويضيف “لا تعلم هنا بأي طريقة تموت، الكل يتربص بك، الإنسان العادي هو الضحية”، ويردف “كثير من الأراضي هنا تم تلغيمها بطرق عشوائية من قبل داعش، وإن تكلمت يقطعون رأسك، فماذا تفعل؟ الافضل أن نهرب من هذا الموت إلى مكان لا نعلم أين هو .. كل الأبواب أغلقت في وجهنا!!”.

وكانت تقارير سابقة تحدثت عن نوع من الألغام الزراعية المموهة، هي عبارة عن ألغام متفجرة زرعت داخل أحجار بازلتية تحمل كميات كبيرة من المواد المتفجرة، وموصولة بأسلاك كهربائية، ومنها تم وضعه داخل أحجار صخرية على أطراف البلدات والقرى المحررة بريف درعا، حيث استطاع الثوار العثور على عدد منها في بلدة “جدية” بريف المحافظة الشمالي، ما يرفع درجة الحذر إزاء مواقع وأشكال أخرى ربما تكون غير معلومة.