تفاصيل: قصص مبكية من “معبر الرويشد”.. وسوريون بين فكي داعش والأسد

13001184_481560745368344_7302808408430670346_n

تحرير زيتون 

في إطار الحديث عن المأساة المتواصلة للسوريين، نزوحاً وتشرداً، تتربع قضية العالقين منهم على معبر الرويشد الحدودي مع الأراضي الأردنية على رأس أهم الإشكالات الإنسانية في الجنوب السوري، مع المعلومات المتواردة عن ازدياد أعداد السوريين على المعبر، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة المواجهات على أكثر من محور مؤدي إلى المنطقة المذكورة.

وفي إطار رحلة الوصول للمعبر الواقع أقصى شرق درعا، تتطلب المسافة أياماً عدة ليقطعها الراغب في الانتظار حتى السماح له بدخول الأراضي الأردنية، حيث تمر الرحلة إذا كان الشخص قادماً من درعا أو القنيطرة عبر صحراء اللجاة وهنا يكون مكمن الخطر نظرا لوجود خلايا تنظيم “داعش” في طريق المهاجرين قرب محور ما يعرف بـ”بئر القصب”، وقرب “حوش حماد” في شمال شرق السويداء، حيث من السهل جداً كما يقول الناشط سليمان الرفاعي من درعا أن يقع الشخص الراغب في العبور من هناك ضحية عناصر التنظيم في التجنيد الإجباري في صفوفهم أو حتى القتل إعداماً إذا كان من المناوئين لـ”دولة الخلافة”.

ويضيف الرفاعي في حديث لـ”زيتون”: “معاناة قاسية وملف شائك بالفعل لأكثر من 11500 مواطن سوري متواجدين في معبر الرويشد، نحن لا نعرف أين يكون الإعلام عنهم، ولماذا هو غير قادر على الوصول إليهم؟ معاناتهم المستمرة منذ أكثر من 5 أشهر دون وجود أية منظمات إنسانية أسقطت الكثير من الأطفال وكبار السن قتلى بفعل البرد والجوع، هؤلاء قسم منهم هاربين من الموت بقصف طيران النظام، وآخرين فروا من بطش داعش إضافة إلى جحيم المعارك المتواصلة في مناطقهم”.

ويطلق اللاجئون على “معبر الرويشد” الحدودي بين الأراضي السورية – الأردنية من جنوب المحور الشرقي للبلاد اسم معبر “الموت”، وهذا المعبر عبارة عن بوابة غير شرعية بعيدة عن المدن والخدمات ويشكل امتداداً لصحراء منطقة اللجاة وريف محافظة السويداء الشرقي، ويقع في منطقة صحراوية قاحلة للغاية.

خلود مسالمة، سورية من درعا، متواجدة حالياً في معبر الرويشد، وجدت “زيتون” صعوبة بالغة في الوصول إلى تواصل مباشر معها، نظراً لرداءة الاتصال، وتكلمت عبر إحدى برامج التواصل الاجتماعي شارحة الحال الذي وصل إليه السوريون هناك حيث تقول: “صار لنا هنا أنا وأهلي وأولادي أكثر من 40 يوم دون أن نستطيع العبور إلى الأردن، بين كل فترة وأخرى يتم إدخال قسم بسيط من السوريين بعد التثبت من هوياتهم وجنسياتهم، وأنا معي بضعة أطفال أبوهم قتل في المعارك ولم يبق معيل لنا إلا الله وأخي بعد أن استشهد أبي منذ سنوات بقصف النظام، نحن الآن ننام في العراء ولا يمنع عنا أفاعي الصحراء وعقاربها وبردها القارس إلا رحمة الله..”.

وتضيف المسالمة “عندما كنا في درعا لم يبق لنا بيت يؤينا.. أربعة براميل متفجرة هدمت كل شيء.. كان تعب الحياة وشقا العمر بالنسبة لي ولزوجي، وماذا تفعل امرأة مات زوجها في مجتمع لا يرحم ولا تجد ما تطعم به أولادها ، قررت أسرتي ان نفر إلى تركيا أو الأردن.. إلى أي مكان، القصف كان متواصل، كنا نخشى أن نموت نحن أيضاً في أية لحظة، قررت الفرار معهم لأنه لا يمكنني أن أبقى وحيدة..”.

وتتابع “في الطريق وقعنا ستة أيام ضحية داعش في اللجاة، وبخونا وشتمونا بأننا كفار ومرتدين وهاربين من الجهاد.. هل من المطلوب مني أنا وأولادي وأخواتي البنات وأخ صغير بيننا أن نجاهد ونموت، هل الموت صار نصيبنا في هذه الحياة وإلا نكون كفاراً… ولأننا جميعنا إناث ومعنا طفل تركونا نرحل، حتى وصلنا إلى هنا ليبدأ مسلسل الذل والهوان من جديد..”.

وتشير خلود إلى أنه لا مفر لها من الانتظار في معبر الرويشد المتواجد عليه آلاف السوريين مثلها، كونها لا تستطيع أن تعود إلى درعا لأن لا بيت لها هناك ولأهلها، كما أنها لا ترغب في رؤية عناصر “داعش” في طريق العودة مجدداً.

سليم المحمد، وهو من دير الزور متواجد أيضاً في المعبر نفسه، يقول إنه فر من الاشتباكات المتواصلة والقصف الذي يشنه كل من النظام والتحالف وروسيا عليهم، وكان مقصده الأردن لرؤية أخوته المتواجدون فيها منذ سنتين، ولم تتسن له رؤيتهم منذ ذلك الحين، وأصبح الوضع لا يطاق في داخل البلاد، فقرر الهجرة إليهم مع زوجته وطفليه.

يقول المحمد إن أحد أولاده الآن مصاب بمرض الربو وقد أصبحت حالته الصحية مزرية، في ظل عدم وجود أدوية ولا علاجات طبية أو مستوصفات أو مشافي يمكن للسوريين هناك إسعاف أبنائهم إليها أو مراجعتها من قبلهم.

من جهتها، تقول ربا بلان، ناشطة من السويداء، إن رحلة الوصول إلى معبر الرويشد بحد ذاتها تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان، وتضيف “إنها رحلة موت بمعنى الموت الحقيقي. معاناة جمة يلاقيها السوريون في الطريق إليه، وعند الوصول إلى المعبر يقضون أسابيع بانتظار السماح لهم بالعبور من حرس الحدود الأردني، وهنا تكون أوضاعهم الإنسانية على مستوى الصحة والإقامة والغذاء والشراب سيئة، ونحن أبلغنا مكتب الأمم المتحدة بدمشق بكل ذلك، لكنهم لم يحركوا ساكناً إزاء هذه المعضلة، كما أن الإعلام غائب عن طرح قضية هؤلاء الناس ومناقشتها”.

وتتوزع طرق الوصول لمعبر الرويشد عبر طريق اللجاة المار عبر منطقة الأوتوستراد، وهو طريق لا يسلكه غالباً الا الغير مطلوبين للنظام، لأنه مليء بحواجز ونقاط تفتيش لقوات النظام، بينما الطريق الثاني يمر عبر الصحراء، وسلوكه يعني قطع المسافة مشياً على الأقدام لأيام، وهو يعني أيضاً المرور عبر “داعش”.

وعند الوصول للمعبر يقوم الشخص بتسجيل اسمه وما يحمل من ثبوتيات شخصية بأرقام تسلسلية بانتظار الموافقة من جانب سلطات المعبر، وبعدها عليه الانتظار أيضاً لأجل مفتوح.

وفي وقت لاحق قد يسمح للشخص بالعبور إلى النقطة الأولى، وهي نقطة عسكرية تابعة لحرس الحدود الأردني، يبقى فيها النازحون عدة أيام تمهيدا لنقلهم إلى النقطة الثانية، حيث توزع عليهم وجبات الطعام، والماء، والأغطية، ليتم نقلهم إلى منطقة “رباع السرحان” في محافظة المفرق الأردنية، ثم مخيم الازرق للاجئين السوريين شرق الأردن.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*