المعتقلون.. ملف لا يتحرك

13000072_1036267666454279_8147806373408471_n

زيتون – محمد أبو الفوز 

تتابع أم أحمد والدة وزوجة معتقلَين في سجون النظام باهتمام شديد كل مايجري في جنيف منذ بدء المحادثات، بعد أن سمعت أن من مطالب المعارضة الإفراج الفوري عن المعتقلين، حيث وجدت بارقة أمل قد تسعف في الإفراج عن زوجها وابنها المعتقلين لدى النظام.
تقول أم أحمد: «مر عامان على اعتقال زوجي وابني على أحد الحواجز في دمشق، ورغم كل محاولاتي لمعرفة مصيرهم أو مكان تواجدهم إلا أني لم أنجح في ذلك، مع ما دفعته من أموال كثيرة فقط لمعرفة مكانهم لكن دون جدوى، وبعد سماعي بانطلاق محادثات جنيف وبأن ملف المعتقلين سيكون من أول الأمور التي ستتم مناقشتها، تابعت مايجري بدقة وحفظت كل تصريح عن ملف المعتقلين وماقيل فيه من تحليلات، فسأذكر لك مثلاُ أن رياض نعسان آغا صرح في بداية المفاوضات أن أمريكا طمنتهم أن موضوع المعتقلين سيكون على الطاولة، ومؤخراُ صرح ديمستورا أنه سيتم تعيين مبعوث خاص لأجل التحقق من أوضاع المعتقلين، كما سمعت عن أخبار أكيدة من داخل النظام بأن بشار الأسد سيصدرعفواُ عن المعتقلين ،لكن حتى الآن لم يحصل أي شيء، وأنا بدأت أشعر باليأس من أن يحصل شيء، لكن هذا أملي الوحيد»
حال أم أحمد مثل حال آلاف الأمهات والآباء في سوريا، الذين يتعلقون بأي أمل للإفراج عن أبنائهم من قبضة النظام، فالمعتقل في سوريا في حكم القتيل حتى تكتب له النجاة.
ويرى كريم الحوراني الناشط الحقوقي وأحد المسؤولين في حملة «أنقذوا البقية» :إن النظام يستخدم ورقة الإشاعات للعب بمشاعر ذوي المعتقلين الذين لاحول لهم ولا قوة، ويتعلقون بأدنى أمل، فمع أي حدث يرتفع سقف التوقعات لهم، والنظام للأسف يستغل هذه النقطة من خلال الإشاعات التي زادت وتيرتها بالفترة الأخيرة عن إفراجات أو عفو وغيرها دون أن يكون هناك شيء حقيقي، ونحاول بشكل مستمر أن ننفي تلك الإشاعات من أجل ألا يصاب هؤلاء المساكين بخيبة أمل».
دلائل دون جدوى:
ويقول كريم الصالح من الشبكة السورية لحقوق الإنسان فسم المعتقلين لزيتون:»وثقت الشبكة قيام القوات الحكومية باعتقال 124596 شخصاُ بينهم 10873 سيدة و8642 طفلاُ، منذ آذار 2011 حتى 2016، وذلك على خلفية سياسية وهو مانقوم بتوثيقه، حيث لانركز في عملنا على الاحتجاز بسبب التهم الجنائية.
كما وثقت كذلك 81317 حالة إخفاء قسري بينهم 1954 امرأة و1162 طفلاُ في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام، وكذلك دون أي خلفية جنائية».
ويتابع الصالح في في حديثه لزيتون: «لم يحصل أي تقدم بالنسبة لقضية المعتقلين والمختفين قسراُ، وذلك بسبب تعنت النظام وعدم قبوله بفتح الملف أصلاُ، بسبب تخوفه من عمليات المحاسبة والملاحقة القانونية التي ستطال عناصره».
كما أن من أشهر الدلائل الخاصة بالمعتقلين مايسمى بتسريبات قيصر التي تحتوي على 55 ألف صورة توثق مقتل 11 ألف شخص قتلوا تحت التعذيب في الفروع الأمنية منذ عام 2011 بأبشع الطرق والوسائل، وتم عرضها في دول الاتحاد الأوروبي ليرى العالم وحشية النظام لكن مازال النظام يصر على إنكار كل ذلك.

ولم تنجح حتى الآن منذ خمس سنين أي مساع للضغظ على النظام في ملف المعتقلين، مع أن هناك آلاف الشهادات والدلائل الدامغة التي تدل على الممارسات الوحشية في المعتقلات والتي ترقى بلا شك للجرائم ضد الإنسانية، والتي يشهدها العالم بأسره ويصفها بأنها أكبر جرائم القرن العشرين.
ويرى الحوراني «أن سبب عدم إحراز أي تقدم في ملف المعتقلين هو عدم جدية الأطراف فالمفاوضات ممكن أن تحدث نتيجة اذا كانت الأطراف جدية، ونقصد بالأطراف ليس فقط النظام والمعارضة بل الأطراف الدولية مجتمعة، وإلى الأن يتم التعامل مع قضية المعتقلين باستخفاف كبير وعدم جدية وعند أول رد من النظام يفقد الطرف الدولي ضغطه».
ذكريات مؤلمة:
زياد من برزة وهو معتقل سابق في الفرع 215 في دمشق يروي لـ «زيتون» ما رآه وما مر به: «نجوت من الموت بأعجوبة، ومازال كل ماحصل معي في مخيلتي حتى أصوات التعذيب ترن في أذني حتى الأن رغم أني خرجت في إحدى المصالحات منذ عام تقريباُ، لا أتكلم فقط عما عانيته فقد تلقيت الكثير من التعذيب (الشبح- الصعق بالكهرباء- الضرب بالجنازير) لكن الله سلم، لكني لا أنسى كل المساكين الذين لقوا حتفهم في المهجع معي، كل يوم تقريباُ لا بد أن يموت أحد المعتقلين إما بسبب الاختناق بسبب كثرة الزحام أو بسبب الالتهابات والأمراض الجلدية والمؤلم جداُ هو ما يسمى غرفة العزل، حيث كانوا يأخذون الناس الذين شارفوا على الموت ويوضعون في نفس الغرفة مع الناس الذين قتلوا ليبقوا عدة أيام قبل أن يموتوا، كنت أراهم عند خروجي للحمامات وهم يمدون أيديهم مستنجدين ويتوسلون بأن نساعدهم لكننا لم نكن نستطيع فعل شيء، ورغم أني لم أكن أستطيع فعل شيء إلا أن أصواتهم وتوسلاتهم مازالت في ذاكرتي تعذبني كلما وضعت رأسي كي أنام».

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*