سيدات على جبهات النزاع السوري

كخهع

في الأخبار عن سوريا لا ترى الا الدم والدمار لا ترى ما وراء ذلك، ان هناك مجموعات مدنية تؤدي نشاطها سلميا
ما زلنا هنا
-مها 28 عاما ناشطة من حلب
مها البالغة من العمر 28 عاما كانت مدرسة لغة انجليزية في مدرسة ابتدائية في حلب عندما اندلعت الانتفاضة في سوريا آذار 2011 ومن خلال الأصدقاء والأسرة وزوجها أصبحت مها بشكل تدريجي ناشطة، مها التي كانت قد تزوجت حديثا، شاركت في مظاهرة سلمية في تشرين الثاني 2012 وقد تمت بعدها مباشرة عملية قصف من القوات النظامية فسقطت قذيفة في موقع التظاهر لتودي بحياة زوجها البالغ من العمر 30 عاما، وتركها أرملة في سن السادسة والعشرين مها الناشطة والناجية والضحية لعنف النزاع، هي مثال على التعقيدات التي تبتلي حياة الكثير من السيدات السوريات اليوم.
عانت أخريات من الإصابة مثل عائشة 45 عاما التي أصابتها رصاصة قناص بالشلل
وسواء شاركن في المظاهرات أو وفرن المساعدات الإنسانية أو تحملن مسؤولية أسرهن في أعقاب وفاة أو إصابة أو اعتقال المعيل فلم تتحمل هؤلاء السيدات عبء النزاع فحسب، إنما أيضا ثابرن على المقاومة مع التعرض لمخاطر شخصية كبيرة في أغلب الأحيان.
إقرارا بأدوار النساء المتعددة والمهمة في النزاع وتجاربهن كفاعلات وضحايا في الوقت نفسه، فمن المهم اعداد أوجه الاستجابة المناسبة لاحتياجات النساء داخل سوريا وفي تجمعات اللاجئين وضمان مشاركتهن المستمرة والحقيقية في تحديد مستقبل سوريا، كما أنها أيضا مهمة في مواجهة الجماعات المتطرفة التي ظهرت مؤخرا وتسعى لتحييد المرأة في سوريا وفرض قيود تعسفية تحد من حرياتهن.
يجب على المجتمع الدولي أن يوفر دعما أكبر لاحتياجات النساء الطبية والنفسية والاقتصادية مع ضمان مشاركتهن الحقيقية على كافة المستويات في أي مفاوضات سلام مقبلة وفي مبادرات بناء الدولة.

خلفية المرأة في النزاع السوري
في سياق النزاع السوري الحالي كثيرا ما يدفع المدنيون ثمن العنف الذي زلزل سوريا منذ عام 2011 وفي خرق بين للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني شنت القوات النظامية والموالية للحكومة وكذلك الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة المعارضة للحكومة بتعريض المدنيين لهجمات متعمدة وعشوائية وغير متناسبة، مع حرمانهم من المساعدات الأنانية كما واجه المدنيون الاعتقال التعسفي والاختطاف والتعذيب والإعدام الميداني بدون محاكمات، ثبت وجود صعوبة بالغة في حساب وتأكيد أعداد القتلى في النزاع لكن في حزيران 2014 أفاد مركز توثيق الانتهاكات وهي منظمة مراقبة ورصد سورية على صلة وثيقة بشبكة من النشطاء السوريين بتوثيق أكثر من 98 ألف وفاة في صفوف المدنيين بمن فيهم 10700 سيدة وفتاة.
ولقد هيأ النزاع لأكبر أزمة نزوح جماعي على مستوى العالم في العقود الأخيرة، فقد أفادت وكالة الأمم المتحدة لللاجئين أنه حتى 11 حزيران 2014 فان أكثر من 2،8 مليون لاجئ قد فروا من سوريا ويقيمون بالأساس في دول الجوار وهي لبنان وتركيا والأردن وكردستان العراق ومصر، أكثر من نصف هذا العدد من السيدات والفتيات، وداخل سوريا يفر الناس بأعداد كبيرة وعادة ما يتنقلون مرات عديدة بحثا عن الأمن وكسب الرزق، حتى 26 أيار 2014 كان تقدير الأمم المتحدة هو أن أكثر من 6،5 مليون نسمة تعرضوا للتشرد الداخلي في سوريا.
وعلى مسار تحقيقات هيومن رايتس ووتش في أزمة حقوق الإنسان السورية منذ آذار 2011 وثقت حالات لسيدات بلا حصر قمن منذ الانتفاضة الأولية ضد حكومة بشار الأسد في ربيع 2011 بتنظيم مظاهرات سلمية والمشاركة فيها وتوصيل مساعدات إنسانية لا غنى عنها للمحتاجين إليها وتوفير الرعاية الطبية للمصابين.
ومثل نظرائهن من الرجال فقد تعرضت السوريات الناشطات في التظاهر والعمل المدني للاستهداف بالأذى والمضايقات والاعتقال من قبل القوات النظامية وفي بعض الأحيان من قبل الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة التي تعارض حكومة
قالت سيدات كثيرات من شتى أنحاء سوريا لهيومن بأنهن قمن بالبحث عن الأقارب المختفين والمعتقلين وتحملن أكبر المسؤولية عن إعالة الأسر ومساعدة المدنيين والمشاركة في المظاهرات اللاعنفية وقالت لنا سيدات أنهن أصبحن معيلات للأقارب الذين أصيبوا أو تعرضوا لإعاقات بسبب النزاع، كما قالت الكثير من السيدات أنهن أصبحت معيلات لأسرهن بشكل فعلي في مثل تلك الحالات وفي حال وفاة أو اختفاء أو احتجاز أقارب الرجال، لا تسود هذه المخاطر أثناء النزاع فحسب بل أيضا أثناء الفرار من سوريا، وردة من حلب روت لهيومن رايتس ووتش كيف قتل زوجها وأصيب ابنها أثناء الانتظار لعبور الحدود من سوريا الى تركيا.
وفي الوقت نفسه وفي عدد من الحالات تبينت الهيومن تعرض قدرة السيدات على التنقل للتقييد الى حد بعيد، ففي مقابلات بمواقع تجمع لللاجئين، أفادت سيدات وعائلاتهن أنه قد تم تحديد حركة النساء والفتيات خارج البيوت في سوريا خوفا من العنف الجنسي والمضايقات والهجمات العشوائية، كما وثقت هيومن رايتس ووتش في حلب و الحسكة و ادلب والرقة فقد فرضت الجماعات المتطرفة المسلحة قيودا تمييزية على السيدات والفتيات تشمل هذه القيود قواعد متشددة للثياب وقيود على مشاركة المرأة في الحياة العامة والقدرة على التنقل بحرية وقيود على وصولهن للتعليم والعمل.
فضلا عن ذلك فان بعض القوانين السورية مثل قوانين الأحوال الشخصية المنظمة للزواج والحياة الأسرية مازالت تميز ضد النساء.
كذلك تخضع السيدات للأعراف والتقاليد المجتمعية التي تقيد من حريتهن الشخصية وتزيد من احتمالات تعرضهن للضرر، في حين قد يتعرض الرجال بدورهم لبعض القيود بسبب الأعراف المجتمعية فان القيود القانونية والمجتمعية المتعلقة بالأسرة والحياة الاجتماعية والاقتصادية تضر بالنساء بشكل غير متناسب، وعلى ذلك فقد قالت سيدات كثيرات لهيومن رايتس ووتش أنهن أصبحن معيلات الأسرة الأساسيات مع معاناة الرجال من صعوبة في العثور على عمل ثابت بما في ذلك في حالات اللجوء والتشرد داخليا، وكما يظهر من أقوال السيدات المذكورات في التقرير فان مسؤولياتهن في سوريا تتحول وتتوسع بدافع الضرورة في مواجهة الخسارة الفائقة،
تصر السيدات التي يستعرضهن التقرير على إعالة أسرهن ومساعدة السوريات والسوريين والمجاهرة بدعم الحرية وحقوق الإنسان لكل السوريين وفيما يلي بعض الوجوه لسيدات في النزاع السوري:
تشعرين وكأنك لن تكوني حرة بعد الآن أبدا
التوقيف والاعتقال التعسفيين والتعذيب والانتهاكات
اتسم النزاع السوري منذ بدء الانتفاضة في آذار 2011 بالتوقيف والاعتقال التعسفيين والتعذيب، وثقت هيومن ووتش التوقيف والاعتقال التعسفيين والاختفاء القسري لعشرات الأشخاص من قبل القوات النظامية والموالية للحكومة وكذلك من قبل جماعات مسلحة غير تابعة للدولة وتعارضها في شتى المحافظات السورية، كما وثقت التعذيب الممنهج في 27 مركز اعتقال تديرها الحكومة في حلب ودمشق ودرعا وحمص وادلب واللاذقية، وكذلك التعذيب في مراكز تديرها جماعات معارضة للحكومة أغلب المعتقلين السابقين الذين قابلتهم هيومن كانوا من الرجال بين 18 – 35 من العمر لكن قامت القوات النظامية والمعارضة للحكومة أيضا باعتقال وتعذيب أطفال ونساء ومسنين تعسفا ووثقت هيومن الاعتقال التعسفي والأذى البدني والتعذيب لسيدات من قبل القوات النظامية والمعارضة.
ومن المستحيل تأكيد عدد المعتقلين بسبب رفض الحكومة السورية السماح للمراقبين المستقلين بدخول أماكن الاعتقال لكن حتى 26 أيار 2014 كان مركز توثيق الانتهاكات قد وثق 52674 اعتقالا منذ بدء النزاع ومنها 1477 لسيدات و 55 حالة لفتيات طبقا لبيانات مركز توثق الانتهاكات فان أكثر من 40400 من المعتقلين مازالوا لم يفرج عنهم.
ولقد أخضعت القوات الحكومية والمعارضة بعض الحالات للتوقيف والاعتقال والتعذيب جراء المشاركة في مظاهرات سلمية والنشاط السياسي وبسبب توصيل مساعدات طبية وإنسانية للمدنيين والمشردين ومعاونة منشقين عن الجيش ومقاتلين معارضين للحكومة قالت 17 سيدة من 20 تعرضن للاعتقال ل هومن أنهن تم توقيفهن بسبب نشاطهن بما في ذلك المشاركة في مظاهرات سلمية وتوفير المساعدات الإنسانية تم احتجاز ثلاث منهن وتعرضن خمس منهن للأذى البدني على يد قوات الأمن الحكومية لمجرد الاشتباه في صلة أقاربهن أو جيرانهن بالقوات الموالية للمعارضة.
في العديد من الحالات التي وثقتها هيومن كانت التوقيفات والاعتقالات غير قانونية أو تعسفية بأشكال أخرى، إذ أجرت قوات الأمن الاعتقالات دون أن تعرف نفسها أو توفر مبررا قانونيا للتوقيف أو اخطار المحتجزين بالمكان الذي سيؤخذون إليه، كثيرا ما تم احتجاز المعتقلين لفترات مطولة بما يتجاوز كثيرا مدة الستين يوما كحد أقصى للحجز على ذمة المحاكمة التي يسمح بها القانون السوري ودون كفالة سلامة الإجراءات القانونية، وكثيرا ما لم يتمكن المعتقلون من مقابلة محامين أو نسب إليهم اتهام رسمي ولم يمثلوا أمام قاض، وفي حالات عديدة حرم أقارب المعتقلين من المعلومات عن أماكنهم أو أسباب القبض عليهم، ويمكن اعتبار هذه الحالات اختفاءا تعسفيا بموجب القانون الدولي، يمكن أن تمثل الاختفاءات القسرية الموسعة أو الممنهجة أو الاعتقال التعسفي الممنهج واسع النطاق إذ نفذ كجزء من سياسة الدولة يمكن أن يمثل جريمة ضد الإنسانية.
ليال 21 عاما كانت توفر المساعدات للعائلات النازحة داخل سوريا في دمشق قبل أن تقبض عليها القوات النظامية ذكرت أنهم قاموا بتعذيبها والاعتداء عليها جنسيا قالت أنها ما زالت تقاوم أثار اعتقالها.
ليال:
ليال 21 عاما وهي تنحدر من حمص، انضمت الى مجموعة في دمشق توفر الإسكان المؤقت في الفنادق والثياب الدافئة وغيرها من الضروريات اللازمة للعائلات النازحة من حمص في 8 تشرين الثاني 2012 قام رجال في ثياب مدنية تعرفت عليهم ليال على أنهم ميليشيا موالية للحكومة بالقبض عليها وأخذها الى مركز اعتقال حسبته فرع المخابرات العسكرية 215 في دمشق، وقتها كان مع ليال كروت ذاكرة رقمية عليها أسماء وعناوين الأسر التي تعاونها قالت: قمت بمضغ الكروت وكسرتها بأسناني ثم ابتلعتها
قام ضابط في الفرع 215 بإجبار ليال على التجرد من ثيابها وفتشها وفتش ثيابها، بعد أن ارتدت ثيابها قام ضابط أخر بتقييد يديها بالأصفاد وأجبرها على الركوع على كرسي ثم قام بالتحرش بها بيده وضربها على قدميها بسلك كهربائي غليظ قالت: كلما زاد خوفي وبكائي زادت استثارته بعد أن انتهى من التحرش بي قام بضربي على قدمي سقطت على الأرض ركني بحذائه ولم أعد قادرة على المشي بعد ذلك لعدة أيام.
أثناء احتجازها في الفرع 215 ثم في منشأة تظن أنها فرع المخابرات العسكرية 261 في حمص وقد نقلت إليها في كانون الأول 2012 حاول الضباط إجبار ليال على الاعتراف بأنها شاركت في تنظيم تفجيرات في القزاز بدمشق في أيار 2012 وفي حي الملاعب وقرب مسجد القبة في حمص عندما أنكرت ليال هذا هددوها بأذى طفليها الصغيرين وأبويها
وذات يوم في الفرع 215 جلب أحد الضباط ليال الى مكتبه للاطلاع على صور رقمية تم استخلاصها من هاتفها الخلوي الذي تمت مصادرته ومنها صور لها وهي لا ترتدي الحجاب أو ترتدي قميصا بدون أكمام قالت بالنسبة لسيدة محجبة فهذا أمر مهين للغاية.
قال لي إذا لم تعترفي بالمسؤولية عن الانفجارات فسوف أنشر هذه الصور لك على الانترنت في كل مكان.
بعد 23 يوما في الفرع 215 أحيلت الى الفرع 261 في حمص قام الضباط بتعصيب عينيها وربط يديها بسلك وتعليقها من السقف في وضع مجهود معروف بمسمى الشبح لمدة 3 ساعات قالت ليال: بعد 10 دقائق كانت يدي تصبح ساخنة للغاية وأحيانا باردة للغاية بدأت أفقد الإحساس عندما فكوا قيدي تدفق الدم الى يدي بسرعة شديدة أحسست وكان زيتا يغلي يمر الى يدي قالت ليال أنها سقطت أرضا جرجني جندي بحبل مربوط بقيد معصمي

ليست عندي مشاعر بالمرة لا سعادة ولا حزن ولا شي
وفي الفرع 261 أجبر ضابطان مختلفان ليال على أداء جنس فموي لهما في مناسبتين مختلفين
في 9 كانون الثاني 2013 أفرجت الحكومة عن ليال ضمن اتفاق لتبادل محتجزين إيرانيين من طرف جماعات معارضة للحكومة في سوريا. غادرت سوريا الى جنوب تركيا، بعد أسابيع قليلة لم ترفض ليال الكشف عما تعرضت له علنا لكن تقوم بعض السيدات بمحاولة ثني عزمها عن الحديث عن العنف الجنسي الذي تعرضت له أثناء الاعتقال قالت: تقول صديقاتي رجاء أبق على بعض التفاصيل طي الكتمان سوف تبدأ الشائعات تتكاثر حولك.
تعيش ليال حاليا في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا مع أمها لم تحصل على دعم نفسي ولم تتمكن من العثور على خدمات في غازي عينتاب تواجه نضالا يوميا مع أثار اعتقالها قالت: لم أعد أشعر بأي شيء بالمرة لا سعادة ولا حزن ولا شيء.

المصدر:هيومن رايتس ووتش