كفر عويد.. منطرة الجبلين

13266018_661841087297059_9084390375355114337_n

زيتون – وضحة عثمان

كفرعويد بلدة تقع في ريف ادلب الجنوبي وتابعة لناحية كفرنبل، وتبعد عن مدينة معرة النعمان حوالي 20 كم إلى الغرب من المدينة، تطل على سهل الغاب من جهة الشرق، تتربع على إحدى القمم مابين جبل الزاوية وجبل شحشبو، وتعود تسميتها كما يقول سكانها نسبة لشخص يدعى «عويد «، والمعروف عن جميع البلدات التي مرت عليها الحضارة الرومانية أنها « كفر « أي مزرعة، وتنتشر في البلدة العديد من المواقع الأثرية والمغاور والأبار التي تعود إلى العصر الروماني والتي توصف حسب العامّة بـ الكفريّة، وتعد المنطقة ذات أهمية أثرية إلّا انها لم تشهد أي محاولة تنقيب رسميّة عن الاثار .
كفرعويد قبل الثورة
بلغ تعداد سكان البلدة وفق احصاء عام 2004 (6,932) نسمة وهو آخر مسح رسمي لسكان البلدة، أغلب السكان هم من المزارعين الذين حصلوا على مساحات زراعية في سهل الغاب وفق قانون الإصلاح الزراعي، فيما امتهن القسم الباقي من السكان مختلف أنواع المهن والوظائف في الدولة أو أعمال خاصة وحرة أو تابعة للقطاع الخاص.
منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي أصبح الإقبال على الدراسة ومن كلا الجنسين كبير جداً، وهذا ما خلف عدد كبير من المثقفين وحملة الشهادات الجامعية بكل فروعها من الأطباء إلى المهندسين والمعلمين والمحامين وغيرهم، وفي البلدة تسعة مدارس (ابتدائية وثانوية) وفيها مجلس بلدي ومستوصف ومركز لطوارئ الكهرباء ومركز ثقافي أيضا ومقسم اتصالات.
لم تشهد البلدة حالات كثيرة للهجرة خارج البلاد أما الهجرة الداخلية فكثير من أبناء القرية انتقلوا إلى المدن التي توجد بها وظائفهم وأعمالهم وعددهم يصل إلى ربع سكان البلدة تقريبا.
كفرعويد في الثورة
التحقت البلدة بركب البلدات الثائرة في سوريا منذ بداية الثورة السورية وأول مظاهرة في البلدة كانت بتاريخ 20\3\2011. تنديدا بما يجري في محافظة درعا من أحداث وانتهاك لحقوق الإنسان من ترويع للأهالي والأطفال والنساء والاعتقال التعسفي والتي شاهدها الناس على شاشات التلفزة من وسائل اعلام مختلفة، والتحق أبناء البلدة بالمظاهرات مع باقي القرى التي تتجه الى معرة النعمان وفي جمعة «آزادي الحرية «.
في 20\5\2011تحديدا زفّت البلدة أول أبنائها شهيدا حيث استشهد الشاب (علي الغريبي ) برصاص قوات النظام في تلك الجمعة.
وبعدها وفي كل تنظيم سلمي للمظاهرات كان للبلدة ولأبنائها نصيب كبير وباع طويل في هذا الأمر وكان الشاب (خالد مغلاج) وهو معتقل حالياً ومصيره مجهول، هو ورفاقه من يقوم بتنظيم المظاهرات واختيار الهتافات وتأليفها في أغلب الأحيان.
وبتاريخ 18 / 12 / 2011 قامت القوات التابعة للجيش السوري والتي تتبع للفرقة العاشرة والفوج / 47 / قوات خاصة والفرقة السابعة باقتحام بلدتي كفرعويد والموزرة للمرة الثانية حيث نفذت العديد من المداهمات وقامت بحرق بعض المنازل والسيارات العائدة للمتظاهرين والناشطين الإعلاميين، وقد قاموا باعتقال قسم من الرجال والشباب في بلدة كفرعويد وعددهم كان حوالي / 50 / شخص وبعد ساعات تمّ تركهم إلا بعض الأشخاص حيث تم اقتيادهم إلى فرع الأمن العسكري بإدلب، ونتيجة لهذه الأعمال الإرهابية هرب معظم شبان هذه القرى إلى الجبال والأودية للتواري عن الأنظار ومن هذه المناطق منطقة وادي أبو دمايا الأعمق والأوفر حظا في التواري عن الأنظار.
إلا أن قوات النظام هرعت لهجوم على الوادي بعد وشايات بوجود مسلحين وناشطين فيه، حيث قامت باستخدام القذائف التي تحوي مواد مشلّة للأعصاب، وبعد ذلك هرع السكان المدنيون المتواجدون في بلدة كفرعويد وبعض القرى الأخرى إلى منطقة الوادي بقصد تخليص أولادهم وذويهم من هذه المجزرة، إلا أنّ قوات النظام منعتهم وأطلقت النار عليهم فأصيب بعضهم ونزلت قوات النظام إلى الوادي وكبّلت من بقي على قيد الحياة بعد القصف، وعندما علم ضبّاط الجيش القائمين على هذه العملية بقدوم أعداد كبيرة من الأهالي إليهم قاموا بإعدام الأسرى ميدانيّا، لكي لا يتمّ تخليصهم، وبذلك كانوا قد ارتكبوا جريمة كبرى بحق الأسرى بحسب شهود عيان.
ثم قامت القوات بعد ذلك بالانسحاب من الوادي إلى مركز تجمعهم في مفرق كفر عويد ويقومون بتقديم عروض بهذه الدبابات وعربات ب . م . ب تدلّ على الفرح والانتصار تاركين وراءهم جثث يقارب عددها /111/ جثة ومن بينهم /11/ عسكري منشق وقاموا بالتمثيل ببعض الجثث ومن بينهم جثة الشيخ أحمد إمام مسجد بلدة كفرعويد وأخيه محمد وآخرين وذلك لبث روح الطائفية والمذهبية بين الناس.
وبتاريخ 12\6\ 2012 قرر ثوار البلدة ضرب قوات النظام وبالأخص سيارة الطعام التي تذهب الى بلدة كنصفرة لجلب الطعام لمعسكر الجيش الذي يعسكر في منطقة المفرق في البلدة وفعلًاً تم إطلاق النار على سيارة الزيل وبأسلحة خفيفة وكان الثوار حينها لا يملكون سوى أسلحة خفيفة.

ولم يتوقف الجيش عن قصف القرية بعدها بقذائف الدبابات وعربات الشيلكا وشنت قوات النظام صباح اليوم التالي حملة اعتقالات وانسحبت صباحا لتكون القرية على موعد مع خمسة شهداء زفّتهم إلى مقبرة الشهداء في البلدة.
وبعد انسحاب جيش النظام من بلدة كفرعويد ومن أغلب قرى جبل الزاوية بدأت حملة القصف بالطيران المروحي والحربي على هذه البلدات وكان للبلدة نصيب كبير من هذا القصف الذي خلّف الكثير من الشهداء إلى يومنا هذا، ليصل عدد شهداء البلدة منذ بداية الأحداث إلى ما يقارب 200 شهيد من مدنيين وعسكريين.
كفرعويد اليوم
تنوعّت الحياة المعتادة واليومية منذ بداية الأحداث ووصلت إلى مرحلة الإنعدام في عام 2015 نتيجة حملة القصف العنيفة على البلدة وكانت قد شهدت من قبل ازدهار ملحوظ في المحال التجارية وتنوعها نتيجة لزيادة في أعداد النازحين إليها وخصوصا من مناطق ريف حماة الشمالي, يقطن البلدة حالياً ما يقارب 1100 عائلة من ضمنهم تقريبا 50 عائلة نازحة من المناطق الأخرى، وأغلب أهالي البلدة نزحوا إما إلى تركيا وتوزعوا على مخيمات اللجوء، وأهمها مخيم (نيزب ) وهم من نزحوا منذ بداية القصف أو مؤخراً.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*