رحلة الحدود وصعوبات الدخول إلى تركيا

27ipj6

زيتون – ابراهيم اسماعيل

بدأت القصة عندما قرر أحمد الدخول إلى تركيا للبحث عن عمل، بعد أن ضاقت به الحال ولم يقدر على إيجاد عمل يقيته في الداخل، فتوجه إلى الحدود عبر بلدة سرمدا والتي تعتبر المنطلق الأول لكل حالات الدخول غير الشرعي إلى تركيا.
تنتشر وسائل النقل المتنوعة في كراجات البلدة والتي تنقل الراغبين في الدخول إلى تركيا عن طريق الحدود بطرق غير شرعية، كما تختلف أسعار الدخول بحسب المكان والعدد والطريقة والمسافة المقدرة للمسير.
وتنطلق بهم سيارةٌ صغيرة تقل عدداً من الشبان برفقته، تتجه إلى المنطقة القريبة من جسر الشغور كخربة الجوز ومنطقة حارم والمناطق القريبة من كسب، ينتظرون حلول الليل أو خلو الطرق القريبة من الحدود من حواجز الجاندرما التركية، وعرباتها المصفحة التي تستمر على طول الليل والنهار بالتنقل بالقرب من الشريط العازل، لتمشيط الحدود.
يقول أحمد، 25 عاماً: «بعد أن وصلنا إلى منطقة الدخول ساعدنا شخص تقاضى مبلغاً من المال، وانتظرنا عدة ساعات بين الأشجار ونحن نترقب لحظة التحرك والدخول».
لم يغب عن ذهن أحمد حوادث القتل والقنص التي تعرض لها الكثير من الشبان أثناء محاولتهم الدخول إلى تركيا بهذه الطريقة نفسها، فقد تعرض عشرات المدنيين للقتل برصاص الجاندرما التركية أثناء محاولتهم الدخول سابقاً، ولكن لم يبقى أمامه خيار آخر في ظل التطمينات التي يسمعها من «المهرب».
لحظات وتبدأ المعاناة الكبرى بعد وصول مكالمة إلى الشخص الذي يساعدهم بأن الطريق سالك، تبدأ الحركة بسرعةٍ كبيرة، والمسير على الأقدام في طرق وعرة وبين الأشجار.
يتلفت أحمد حوله فلا يجد سوى المرهَقين مثله، وبرفقتهم شاب مصاب، لم يستطع الدخول إلى المشفى عن طريق المعبر، لعدم السماح له بالمراجعة، يساعده شابان أتيا برفقته.
يستمر المسير قرابة الساعتين دون الوصول إلى جهة تساعدهم على الراحة، حيث تقدر المسافة التي سيتم قطعها بعشر كيلومترات وقد تكون أطول بحسب الظروف التي تواجههم.
بشير، شابٌ آخر جرب الدخول بطريقة غير شرعية، يقول في حديثه لـ «زيتون»: «دخلنا بصعوبةٍ كبيرة بعد عدة محاولات فاشلة، ولكن خلال تلك الرحلة واجهتنا صعوبات كبيرة أخطرها إطلاق النار والركض أمام عناصر الجاندرما التركية، والكلمات المسيئة التي سمعناها من أصحاب السيارات التركية الذين قاموا بنقلنا إلى الداخل التركي».
لحظاتٌ حرجة قبل الدخول وقطع السلك الشائك:
تبدأ المعاناة الكبيرة عند الاقتراب من السلك الشائك والخندق، وما عليك سوى الركض بكل ما تستطيع دون إصدار أي صوت لضمان عدم سماع أي حركة من عناصر الجاندرما، يبدأ الركض والهرب وتبدأ المشقة على الشاب المصاب الذي لا يستطيع الركض بسرعة كبيرة.
يتابع أحمد في حديثه: «عند الوصول إلى السلك الشائك عليك اجتياز الخندق الذي يبلغ ارتفاعه قرابة المترين أو أكثر ننزل فيه ثم نصعد بصعوبة كبيرة ونجتاز التل، ونعبر الطريق المضاءة، ونشاهد المركبات التابعة لحرس الحدود في كل دقيقة تمر».
يبدأ إطلاق النار من كل الأطراف ولا يستطيعون التراجع ويستمرون بالركض متأملين أن لا تصيبهم رصاصة طائشة تودي بحياتهم، قُتلَ العشرات على هذا الطرق، فقد ذكرت الحكومة التركية السابقة أنها منعت دخول السوريين بطريقة غير شرعية وأي شخصٍ يحاول الدخول سيتم إطلاق النار عليه وقتله.
التكلفة التي يدفعها الداخلون بهذه الطريقة:
تختلف التكلفة التي تُدفع للمهربين وفق حالات كثيرة، فالطرق السهلة يتم دفع قرابة 300 دولار عن الشخص الواحد، وذلك في مناطق تكون قريبة من الحدود وبعيدة عن أعين الجاندرما، والطرق الأخرى يأخذ فيها المهربون 100 دولارٍ على الشخص الواحد وعليه أن يسير قرابة الخمس كيلو مترات.
يقول الناشط ماهر، الذي اضطر إلى الدخول: «احتجت للدخول إلى تركيا لحضور دورة تهتم بالعمل الإعلامي، توجهت للحدود برفقة فتاةٍ تعمل معي في نفس المجال، أعطيت للمهرب مبلغ 100 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 200 دولار، ودخلنا بصعوبة كبيرة، ويضاف إلى ذلك تكلفة التنقل من الحدود وحتى المدن القريبة كأنطاكيا والريحانية والتي قد تبلغ 100 ليرة تركية أي ما يعادل 35 دولاراً عن كل شخص».
تستمر حالات الدخول المشابهة في كل يوم بسبب الحاجة الملحة لذلك، من قبل السوريين، إما للعمل أو للعلاج أو للسفر أو العديد من الحالات التي تتطلب منهم اجتياز الحدود بهذه الطريقة والتي تعتبر من أخطر الطرق المتبعة وخصوصاً في هذه الأيام وسط التشديد الكبير الذي تقوم به الجاندرما.
كما تقوم حالياً الحكومة التركية ببناء جدارٍ عازل يبلغ ارتفاعه مترين وعرضه متر من منطقة باب الهوى وحتى مدينة أنطاكيا يستمر العمل في بنائه ومن المتوقع أن يغطي مساحاتٍ واسعة من الشريط الحدودي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*