في رمضان، إحذروا الأغذية منتهية الصلاحية أو “لا تحذروها”

_53

زيتون – حسام حسون 

تفاجئ أحد تجار اللاذقية «الموالين للنظام» بدورية شرطة تضبطه متلبساً مع 71 طن من المواد الغذائية على اختلافها منتهية الصلاحية، وتحولت فوراً البضائع منتهية الصلاحية إلى مخازن «المحتجزات»، لكن مواطنو اللاذقية تفاجئوا أكثر من حجز المواد باعتباره نادراً ما يحصل هذه الأيام، وعلقوا على الحدث بقولهم « بكرا نفس البضاعة منلاقيها بالسوق، بعد تمديد الصلاحية».
التزوير وصل إلى «نكاشة الأسنان»
لكن قبل أن تقوم دورية الشرطة بعمليات ضبط البضائع منتهية الصلاحية، كانت الأسواق قد امتلأت بالسلع المزورة والمعدّلة جينياً، بحيث فقدت صفاتها المعروفة بها.
يقول أبو ناظم، 45 عاماً، من دمشق «فهمنا أن الأسعار ارتفعت مع ارتفاع الدولار، لكن لماذا اختلفت مواصفاتها أيضاً، فالشامبو مثلاً، ارتفع مع ارتفاعات الدولار بشكل طبيعي، لكن لماذا أصبحت العبوة فقط مياه فيها رغوة؟».
أكثر من خمس سنوات على الثورة في سوريا تحولت البلاد إلى «كتلة تزوير متحركة»، إذ لم يعد هنالك منتج واضح المعالم، بل أصبحت المنتجات أشكال فقط ولا شيء في داخلها.تقول أم ربيع، 36 عاماً، من ريف حماه « ما هذا التخلف العقلي؟، عندما تقرر أن تحضر كيس بطاطا شيبس إلى ابنك يتضح أنه كيس فارغ ويحتوي فقط على رقاقة واحدة، ما هذه المسخرة؟».
كما اختفت في زمن الأسد الأب والابن كل عوامل الرقابة، وبالتالي سمحوا لما تسمى بـ»شركات» بأن تنتج مواد «ليست للاستخدام البشري» ويمكن أن تضبط كـ»منتجات كيميائية» بالنظر إلى ضررها لا فائدتها.
الحرب حولّتهم إلى مجانين
لكن ثورة الشعب السوري، التي كانت تتحدث بلغة السياسة فقط، نسيت بعض التجّار الذين تحولوا إلى مجرمين برتبة «رجل أعمال» وتركت المجال لبعض المنتجات لتشكّل خطر حقيقي على حياة المواطنين.
توضح أم رهام، 28 عاماً، من حمص « من يتقي الله بالناس، أشخاص نادرين جداً، إذ لم يعد أحد يبيع المنتجات بنور الله، كله يسعى خلف الربح بنسبة 100% صافية، أما أن يهتموا بالمواطن فهذا ما هو مستحيل».
تردف رهام «ووصل بهم الأمر إلى بيع منتجات مزورة بالمجمل، إذ لم يعد الزيت أبداً كما كان، ولا الحليب، ولا حتى أبسط الأمور كبسكويت الأطفال، إذ يبدو كقطعة خشب من صلابته».
يربط تجار وباعة سوريا عموماً ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمنتجات على اختلافها، بعوامل كثيرة أهمها انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقارنة بالدولار، ومشكلات حواجز النظام وطلبه دائماً للـ»معلوم» ، بالإضافة إلى احتكار بعض التجار للبضائع.
لكن أبو صهيب، 45 عاماً، من حلب يقول «عندما يتم تخطي دور التاجر بتبادل السلع تصبح الأسعار مقبولة وبجودة مناسبة، وهو ما بات يقوم به مواطنون كثر، إذ بدؤوا بالاعتماد على بعضهم البعض في حاجاتهم الغذائية كأول حلقة بين البشر، أعادنا إليها بشار الأسد مالك قصر المالكي بفهمنته».
في رمضان .. هل ستشتروا البضائع الفاسدة؟
ورغم كون الخيار ليس بيد الناس في اختيار البضائع «بصلاحية أو منتهية الصلاحية» إلا أن البعض بدأ يسلّم أمره لله ويختار البضائع التي يدرك سالفاً بأنها منتهية الصلاحية.
يؤكد أبو عمار، 50 عاماً، من ريف دمشق «أجسامنا أصابها مناعة تامة، الأكل الملوث بأنواعه، أصبح يدخل إلى هذه المعدة الحديدية، دون أن يصيبنا شيء، وبشهر رمضان سنتكل على الله، لأنه ليس لنا سوى تلك البضائع لنشتري منها ونأكلها».
رز قديم متغير اللون، مرتديلا بلحمة أو «بأشياء أخرى» ومعلبات غير معروفة المنشأ، هذا لا يعني أن يفقد الإنسان أمله وينسى الأكل، وإنما أن يعيش كما علاقة أبناء الساحل مع «المتة» مهما كان ما بداخلها «حتى لو سم زعاف» يستمتع بها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*