أكثر من 50% تراجع القطاع الزراعي في إدلب

يغفغف

زيتون – وسيم درويش

تعتبر إدلب بشكل عام محافظةً زراعيةً بامتياز، اذ يقدر عدد من يعملون بالزراعة نحو 70 بالمئة من مجموع السكان، فأغلب أبنائها يعملون بها الى جانب وظائفهم.
وتأثرت الحركة الزراعية بالأحداث التي مرت بها المحافظة، خصوصاً بعدما دخلها جيش الأسد وأقام حواجزه العسكرية على مفارق الطرق، وفي الأراضي الزراعية، ولجأ في كثير من الأحيان لقطع الأشجار وحرق المحاصيل.
شهد ريف إدلب تراجعاً في الانتاج الزراعي، لا سيما محصول القمح، حيث انخفضت المساحات المزروعة إلى ما دون 27 ألف هكتار بعلاً وريّاً، بحسب إحصائيات المؤسسة العامة للبذار التابعة للحكومة المؤقتة، بعد أن كانت حصب إحصائيات، نظام الأسد ما قبل الثورة 56 ألف هكتار، وهذا ما قد ينعكس في تأمين مادة الطحين في الفترات القادمة.
الدكتور مجدي الحسني، مدير كلية الزراعة في جامعة ادلب، أعزى هذا التراجع لعدة أسباب منها المناخية، حيث لم تتجاوز نسبة الأمطار لهذا العام معدل 62 بالمئة، بالنسبة للمعدل العام، إضافةً لتوزع الأمطار خلال موسم الشتاء، ما أدى لانخفاض الانتاج في وحدة المساحة مترافقاً مع انخفاض في المساحة المزروعة أصلاً، وأشار الحسني لمشكلة الري التي واجهت المزارعين حيث أدى انقطاع طريق المازوت في فترات معينة من المواسم لارتفاع في سعر المازوت ما أدى لارتفاع باهظ في كلفة سقاية حقول القمح، والذي نتج عنه إهمال مساحات واسعة وعدم استثمارها بالشكل المطلوب، كما أوضح أن معظم المزارعين اتجهوا لزراعة أنواع أخرى كالكمون والشمرة وحبة البركة، كون هذه الأنواع تسمى بالمحاصيل النقدية التي يتبع سعرها للدولار، والتي تكون أكثر ربحاً من غيرها، مع الإشارة إلى أن أسعار القمح، كما طرحتها الحكومة المؤقتة، من خلال المؤسسة العامة لإكثار البذار والمؤسسة العامة للبذار والهيئة العامة للخدمات، حيث أطلق سعر الطن الواحد 240 دولار، يضاف إليه 20 دولار كمكافأة تشجيعية للمزارعين من قبل الحكومة المؤقتة.
ولفت الحسني إلى أن معظم البذار هي إنتاج محلي إذ لم يكن هناك في هذا العام أية أصناف محسنة خارجية، وقد تم اختيار الحقول المنتجة للبذار من خلال دراسة أصناف السنة الماضية واختيار الحقول المخدّمة بشكل جيد بحيث يتم الكشف عن طريق لجان من خبراء يتم تعيينهم من قبل المؤسسة العامة للبذار على الحقول وهي في طور الاخضرار بهدف انتقاء الحقول الأكثر نضارة لتبذيرها، محاولة منها الحفاظ على أجود الأصناف الموجودة لتلافي الانهيار في نوعية المحاصيل علماً أن صعوبات التخزين الآن باتت مشكلة بحد ذاتها، بعد فقدان الصوامع وغيرها وقامت مديرية الزراعة الحرة بإرسال أكياس من نوعية جيدة للمزارعين وتم تسليم قسم كبير منها للفلاحين بهدف استلام المحصول معبأ مباشرةً من الفلاحين ليتم تخزينه بأسرع وقت في مستودعات أعدت خصيصا لهذه الغاية.
وبلغ سعر حصاد الدونم الواحد هذا العام 2500 ليرة سورية، في حين أن انتاجية الدونم تدنت من 400 كغ في الأعوام السابقة إلى 250 كغ في هذا العام كمعدل وسطي، بحسب مديرية الزراعة.
انقطاع الكهرباء وغلاء المياه:
في سراقب يزرعون البطاطا، والفول، والشعير، وحبة البركة، والقمح، والعدس..، إلا أن ضعف التسويق الذي تعيشه المحافظة منذ سنوات أدى لتقلص الحركة الزراعية، حيث كانت سراقب تشتهر بسوقها التجاري الذي يتم تصريف المنتوجات عبره.
يقول عبد الكريم المحمد وهو من مزارعي سراقب، إن سوق سراقب الزراعي كان من أهم أسواق المحافظة، خاصة لوقوع المدينة على الطريق الدولي دمشق – حلب، وهي خاصرة إدلب من الجهة الشرقية، ولكن القصف المتزايد من قوات النظام أدى إلى ضعف الحركة الزراعية، كما أهمل الكثير من المزارعين لأراضيهم، ما أدى بشكل حتمي لضعف البضائع التي تأتي إلى السوق.
وللمزارع محمد القاسم رأي آخر، حيث اعتبر أن انقطاع الكهرباء، وغلاء المياه، أدى إلى تدهور الحركة الزراعية في سراقب، ترافق ذلك من انقطاع الطرق بين مناطق النظام والمناطق المحررة ما ساهم في ضعف التصريف أيضاً، لكون أغلب التجار انقطعوا عن السوق بسبب خطورة الطرقات، وصعوبة نقل البضائع من سراقب إلى المدن الأخرى وأهمهما القمح.
مركز الحبوب في سراقب من المراكز المهمة على مستوى سوريا، إلا أنه كثيراً ما يتعرض، ويضم المركز حالياً حوالي 13 موظفاً، استلم في بعض السنوات السابقة القمح من المزارعين من كافة المناطق المحررة في محافظة إدلب لأول مرة بعيداً عن هيمنة النظام بتاريخ 1-6-2014 وقد رحب الكثير من المزارعين في تلك الفترة بهذا المشروع.
بالمقابل رفض البعض تسليم القمح للمركز لأسباب عديدة، كان أهمها عدم دعم المجلس المحلي والحكومة المؤقتة لهم طوال السنة ما خلق رد فعل عندهم جراء شعورهم بقلة الاهتمام بأمرهم.
وقال أحد المزارعين: رفضت التسليم وقتها لأنه طوال السنة كنت أشتري كيس السماد من السوق السوداء بـ4700 رغم أنه عند النظام بـ2200 وأشتري برميل المازوت الرديء المكرر بـ1700.
كما يعاني المزارعون في ريف إدلب عموماً من موضوع الأدوية والبذار، عدا عن مشاكل التسويق.
صعوبة في التصريف:
وفي مدينة كفرنبل ومعرة النعمان هجر بعض فلاحي المدينة أراضيهم الزراعية، التي يعتمدون في أكثر من نصفها على الزيتون والتين، حيث أدت حركة النزوح المتزايد إلى إهمال الكثير من الفلاحين لأشجارهم، ما أضعف مردودها السنوي، وهنا يقول أبو مصطفى وهو فلاح من ريف معرة النعمان: الزيتون يتطلب سقاية، وتقليم، ومتابعة تنظيف التربة، ليعطي بشكل جيد، وكثيراً ما نزحنا خلال السنوات الماضية ما أنعكس على ضعف الموسم، وزاد في ذلك قلة معاصر الزيتون بعد القطاف، وغلاء العصر، وغلاء أجور العمال.
وللتين نفس الأوضاع الزراعية الصعبة، إذ بات قطاف محصول التين مرهوناً بإيجاد سوق خارجي للتصريف، لكونه يختلف عن الزيتون لأن التين يصدر للخارج، يقول سليم الإسماعيل وهو تاجر تين: صار صعباً جداً تصريف التين إلى لبنان والسعودية، بينما كنا قبل سنوات نعبئ التين بقوالب صغيرة، ونصدره إلى عدد من الدول كـ مصر والسعودية ولبنان…
وأضاف الإسماعيل: كان موسم التين مربحاً للفلاح في كفرنبل وقراها، لأنه لا يحتاج إلى رعاية كبيرة لتنضج الثمرة فموضوع نضوجها مرهون بالشمس.
أما في جبل الزاوية والتي يعتمد أهلها على موسم الكرز بالدرجة الأولى، إذ يوجد في مدينة أريحا سوقاً لتصريف محصول الكرز، ومنه يتم تسويق الكرز إلى باقي مناطق سوريا، وما تزال مناطق جبل الزاوية تشهد موسمَ كرزٍ رابح مع وجود انقطاع متفاوت أثناء القصف.
المزارع أبو ناصيف شرح لـ «زيتون»:: يعتبر الكرز من أهم مواسم جبل الزاوية، ولم تشهد المنطقة مشاكل في القطاف، بعد خروج قوات النظام من جبل الزاوية، إلا أن الجيش قطع الكثير من الأشجار حين كان في الجبل، كما منعنا من الذهاب إلى أراضينا حتى أن الموسم كان يذبل فوق الأغصان، الآن عادت المواسم إلى طبيعتها، ونقوم ببيعها في أريحا، التي يتم التصريف من خلالها إلى مدن سورية كافة.
أرقام واحصاءات:
لم ترد احصاءات دقيقة لعدد الأشجار المثمرة في إدلب منذ عام 2011، حيث قدرت وزراعة الزراعة التابعة للنظام في ذاك العام عدد الأشجار بـ24 مليون شجرة، المثمر منها حوالي 18 مليون شجرة معظمها تقوم على الزراعات البعلية، تشكل أشجار الزيتون أكثر من نصفها، ويقدر عددها بـ14 مليون شجرة، وتأتي أشجار الفستق الحلبي في المرتبة الثانية بواقع 1،8 مليون شجرة، والتين ثالثاً بحوالي 900 ألف شجرة، والتفاح ثالثاً بواقع 70 ألف شجرة، ‏والكرز بـ 300 ألف شجرة، فيما يتوزع العدد الباقي على أنواع عدة من الأشجار المثمرة في مقدمتها اللوزيات والرمان والجوز والكاكي.‏
فيما لم تُسجل أية احصاءات منذ ذلك العام.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*