بوتين – أردوغان: صفحة جديدة.. ورهانات على الملف السوري

13882564_522610777930007_3008588267645625655_n

زيتون – أسامة العيسى

فيما لا تزال المعارك على أشدها في الشمال السوري، وتحديداً جبهات حلب، تبدو الأحداث متسارعة على الصعيد السياسي والدبلوماسي المرتبط بالملف السوري ككل، لا سيما على صعيد الزيارة الحالية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا ورغبة أنقرة في «تطبيع» العلاقات مو موسكو عبر فتح صفحة جديدة من العلاقات، يرى مراقبون أن الملف السوري سيكون المدخل إليها.
وفيما ينظر قسم من السوريين نظرة قريبة من خيبة الأمل تجاه التقارب التركي – الروسي الجديد، حيث من المعروف مدى الموقف الذي التزمت فيه أنقرة خلال السنوات الماضية من عمر الثورة السورية على الصعد السياسية والإنسانية، وحتى العسكرية، يرى آخرون أن الأمر لا يعدو كونه نوعاً من الحرب الذكية يقودها الطيب أردوغان، في نوع من سياسة سحب البساط شيئاً فشيئاً من تحت النظام السوري، في سبيل الإطاحة به عبر روقة تفاهمات جديدة مع الروس، الحلفاء الأبرز له.
ساهر محمد، ناشط حقوقي يرى أن «السياسية الروسية الجديدة والتركية في موازاتها تتجه فعلياً نحو خلق مناخات جديدة لحل سياسي مرتقب في سوريا، قد يكون من شأنه إنهاء الأزمة ككل، إذا ما كتب له النجاح».
ويضيف محمد «لا يختلف اثنان على أن السياسية متحولة وهي بالتعريف فن الممكن، ولذلك فلا يوجد ثوابت عامة في السياسة إلا مصلحة الدولة العليا، هذا ليس خاصاً بتركيا أو روسيا، بل بكل الدول. لكن الواقع يقول أن تركيا تدعم بقوة معارك حلب التي يعد الروس أنفسهم خصماً فيها، في موازاة ذلك يلعب الأتراك دوراً ذكياً مع الروس بعد أن أذاقهم الثوار في حلب دروساً قاسية بخسارات بالجملة طالتهم وحليفهم النظام، بالإضافة لذيول الحلف الأخرى من إيران وحزب الله وميليشيات العراق».
في موازاة ذلك، ذكر تقرير صحفي أميركي، أن سوريا هي أحد المجالات الي لا يمكن لتركيا وروسيا تجنّبها. المعركة في حلب مثال على ذلك، يمكن لبوتين وأردوغان مناقشة رغبتهما في التوصّل إلى تسوية سلميّة في سوريا.
ويضيف التقرير الصادر عن مؤسسة «ستراسفور» المختصة بالأبحاث الإستراتيجية، لكن الصراع داخل المدينة التي تتمتع بأهميّة إستراتيجية مستمرّ بين القوات المقاتلة المدعومة من تركيا وجيش الأسد وميليشياته المدعومين من روسيا.
وختم التقرير بالإشارة إلى أنّ موسكو ستواصل استخدام الأزمة السورية بوجه تركيا، حتى لو تعاون بوتين مع أردوغان، فهما رجلان قويّان ولديهما طموحات جيوسياسية كبيرة، لكنّهما ليسا بوارد تكوين صداقات وهما يسعيان نحو تحقيق مصالحهما الوطنيّة، وإذ اتفقا على كلّ الملفات تبقى سوريا المعضلة البعيدة الحلّ قبل الحسم في حلب.
بدورها، ترى رنا العلبي، وهي ناشطة إعلامية سورية، أن «اتجاه الأتراك الحالي هو نحو تثبيت الأمن العام في البلاد، ومن ثم خلق نوع من التقارب مع الروس على حساب الأمريكيين».
وتعلل العلبي الموقف التركي الأخير بالقول إن «أثار الانقلاب الفاشل الأخير الذي مرت به أنقرة لا تزال قائمة، وبالتالي فمن المهم في هذه المرحلة كسب حلفاء جدد بالنسبة للأتراك، لا سيما بعد أن دخلت العلاقات التركية – الأمريكية والتركية – الأوروبية نفقاً مظلماً جديداً على خلفية أحداث الانقلاب وما قامت به أنقرة من إجراءات أمنية بعدها، وصفها الأمريكان والأوروبيون بأنها انقلاب على الديمقراطية».
وفي حين اختلفت نبرة الوسائل الإعلامية الروسية اليوم تجاه أنقرة، وهي التي اعتادت مهاجمتها، فيما تنقل وسائل الإعلام التركية الأخبارة المرتبطة بالعلاقات بين أنقرة وموسكو في نوع من الحذر، يبدو وكأن «الطرش» أصاب إعلام نظام الأسد، الذي لا زال يتجنب ذكر البادرة الجديدة بين الأتراك والروس، في الوقت الذي يؤكد فيه مراقبون أن ذلك إن دل على شيء فهو يدل على الصدمة الكبرى التي تلقاها النظام من هذا التقارب، وتيقنه بأنه سيكون «كبش الفداء» الروسي في المنطقة، عاجلاً أم آجلاً.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*