حلب.. الطريق الى الجنة

2013-11-16-Design

 

أكثر من مئة شهيد في يوم واحد جراء القصف الجوي بحلب وريفها
حلب وكما هو متعود في الأيام السابقة، استفاقت يوم 30 من الشهر الخامس الماضي، على وقع مجزرة مروعة، ارتكبها الطيران المروحي، جراء إلقائه ثلاث براميل متفجرة، على سوق الهال في مدينة الباب، كما ارتكب مجزرة أخرى باستهدافه ببرميل متفجر، سيارة «سوزوكي» بحي الشعار شرق حلب، كانت تقل عائلة من 13 شخص، كانوا في طريقهم للنزوح الى خارج المدينة.
وفي التفاصيل ألقى الطيران المروحي ثلاث براميل متفجرة على سوق الهال في مدينة الباب، ما أدى لاستشهاد 70 شخصاً، كلهم من المدنيين، الذي جاءوا للحصول على حاجيتهم من الخضار في ذلك السوق، وعدد كبير من أصحاب المحال فيه، كما أسفر القصف عن إصابة ما لا يقل عن 100 شخص آخرين، وتدمير أجزاء كبيرة من السوق، الذي لم تلتئم جراح أهله الذين فقدوا ما لا يقل عن 20 شهيداً بقصف لذات المكان منذ شهر ونصف من قبل الطيران الحربي.
وفي حلب كانت عائلة فواز عرب الذي يبلغ من العمر 66 عاماً، قد عزمت على النزوح الى خارج مدينة حلب، بسبب القصف الجوي اليومي الذي طال حيهم الفردوس، وما أن صعدت العائلة الى السيارة وتوجهت في طريق الخروج من المدينة، حتى باغتهم برميل متفجر، أدى لاستشهاد جميع أفراد العائلة التي يبلغ عددها 13 شخصاً، منهم ثلاث أطفال وثلاث نساء، محولاً جثثهم الى أشلاء متناثرة، وجثث مفحمة هامدة، لتكون رحلة نزوحهم من المعاناة هي الأخيرة، ولكن هذه المرة الى الجنة، بسبب برميل إجرام حاقد.
حي الفردوس صار أيضاً طريقا للجنة، وذلك بسبب الاستهداف المتكرر لهذا الحي، الذي ما يزال يسكنه عشرات الآلاف من السكان، استهدفه الطيران المروحي ببرميل متفجر، أدى لاستشهاد ثلاث أشخاص، هذا العدد الضئيل لم يعجب آلة الإجرام الأسدية، ليعود ويرسل خمس براميل
وأثناء عملية الإسعاف والبحث عن ناجين، قصف النظام الحي بصاروخين من نوع أرض أرض، أو كما بات يطلق عليه صاروخ «فيل» إيراني الصنع، والذي لا يقل تدميره عن البرميل المتفجر، لتحصد هذه الهجمة أكثر من 20 شهيداً معظمهم من الأطفال نتيجة سقوط أحد البراميل على صالة ألعاب الكترونية يجتمع فيها أطفال الحي للعب، وما يزال البحث عن 20 مفقودا.
تنظيم الدولة يسيطر على عدة قرى في ريف حلب الشمالي
استطاع تنظيم الدولة أن يحرز تقدماً مهماً بسيطرته على عدة قرى وبلدات بريف حلب الشمالي الشرقي، في محيط مدينة مارع وفي منطقة سد الشهباء، بعد هجوم عنيف شنه التنظيم يومي 29 و 30 من هذا الشهر، فقد تمكن التنظيم من الاستيلاء على بلدة «صوران إعزاز» وقريتي «البل» و»الطوقلي» التي يسميها سكانها (التقلي) شمال مارع و غرب مدينة إعزاز بـ 10 كم والتي تقع جانب معبر باب السلامة على الحدود السورية التركية، وهو المعبر الوحيد الى الأراضي التركية في محافظة حلب، فيما سيطر التنظيم أيضاً على قرى (الحصية، العدية، أم القرى، مزارع غرناطة، حساجك والوردية (في منطقة سد الشهباء ذات الأغلبية الكردية بريف حلب الشمالي الشرقي.
وكان التنظيم قد بدأ هجوماً عنيفاً على تلك المناطق، ترافق مع قصفٍ عنيف بقذائف صاروخية ومدفعية وقذائف الهاون، على مناطق في بلدة صوران، الأمر الذي أدى لنزوح عدد من المدنيين وإصابة عدد منهم، ليتمكن التنظيم من السيطرة على قرية الطوقلي ومع استمرار الهجوم باتجاه بلدة صوران، التي استعصت على التنظيم الذي أرسل سيارة مفخخة الى نقطة تجمع كبيرة للثوار، ما أدى لاستشهاد 30 منهم بالقرب من نقطة البراد، لتسقط بعدها بلدة صوران بيد مقاتلي التنظيم وبالتزامن مع سقوط صوران كان مقاتلو التنظيم يتقدمون في منطقة سد الشهباء وسيطروا على عدة قرى في المنقطة، فيما تم توثيق استشهاد مدنيين اثنين جراء سقوط عدد من القذائف أطلقها التنظيم على مناطق في مدينة مارع بريف حلب الشمالي، التي شهدت عدة غارات للطيران الحربي الذي كان غائبا منذ مدة طويلة عن قصف تلك المناطق، مستهدفاً تمركزات الثوار الذين يواجهون التنظيم، ما أدى لإصابة عدد منهم.
أهمية السيطرة على تلك المناطق من قبل تنظيم الدولة
تأتي أهمية بلدة صوران إعزاز، من وقوعها على تقاطع طرق، يوصل بين قرى ريف حلب الشمالي المحرر، والذي يمر به طريق حلب تركيا الجديد، وبين معبر باب السلامة ومدينة إعزاز، كما تقع البلدة على مقربة من مدينة مارع شمالاً بـ4 كم.
تقدم مقاتلو داعش جعل من مدينة مارع مدينة شبه محاصرة بعدما فرض التنظيم طوق الحصار حولها، وستصبح قوات الثوار في جبهات في بابنس وتل شعير والمنطقة الحرة والمسلمية بحكم المحاصرة من تنظيم الدولة من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى في حال واصل التنظيم تقدمه شمالاً من منطقة أم حوش في منطقة سد الشهباء المهمة – (بسبب وقوعها على طريق إمداد الثوار من مدرسة المشاة والجبهات مع قوات النظام في بابنس وتل شعير والمنطقة الحرة والمسلمية)- الى مدينة مارع وباقي مناطق ريف حلب، إضافة لقرب تلك المناطق من مدرسة المشاة التي يحاول التنظيم جاهداً الوصول إليها، لما لها من قيمة رمزية لدى ثوار حلب وريفها.
بعض الفصائل ترفض قتال التنظيم
وأعرب ناشطون عن غضبهم، جراء تقاعس عدد من القادة في مدينة حلب، عن إرسال الدعم لتلك الجبهات مع التنظيم، ما أدى لسقوطها بيد التنظيم، وعودة سيناريو سيطرة التنظيم على بلدتي اخترين ودابق وما حولهما في شهر آب من العام الماضي، حين تقاعس بعض القادة عن إرسال الإمداد الى جبهات القتال تلك، ما أدى لوقوع عدد كبير من الشهداء والجرحى في صفوف الثوار.
من جهته حمل أسامة بكور أحد قادة الكتائب في مدينة مارع في حديث لـ «زيتون» مسؤولية تلك الخسارة، الى القيادات، وذلك للتقاعس الكبير الذي وقع من قبلهم في الحفاظ على تلك المناطق من ريف حلب، وقال:
(إن سقوط تلك المناطق كان متوقعاً خصوصاً بعد قيام قوة «رد المظالم» بتفريغ تلك الجبهات من الثوار الحقيقيين، الذين تم زجهم في سجون تلك القوة أو تم ملاحقتهم، بتهم باطلة، ما أدى لفراغ كبير على تلك الجبهات، ولم تقم تلك القوة ولا الذين يقفون خلفها بسد هذا الفراغ، ما شجع التنظيم على التفكير بالتقدم الى مناطق كانت محظورة عليه.
وتحدث البكور عن إعدام التنظيم لخمسة من مقاتليه المصابين الذين لم يستطيعوا سحبهم من بلدة صوران، حيث قام التنظيم بفصل رؤوسهم عن أجسادهم والتمثيل بجثثهم وصلبها في ساحة البلدة.

محمد علاء