نهاية تنظيم الدولة الإسلامية في دير الزور بثورة مرتقبة أبطالها “ديريون “

Fighters from Islamic State in Iraq and the Levant hold their weapons as they stand on confiscated cigarettes before setting them on fire in the city of Raqqa

عاصمة نهر الفرات، دير الزور، على أحد ضفافه تتربع و تتلون حياة النهر الإلهي بصخب المدينة وحركة الناس، لم تعد هي كذلك، رائحة الموت والبارود غطت نقاء النهر، مر خلال السنوات الأربع على المحافظة سلاح ثلاث جهات لم ترحم المدنيين، آخرها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الذي يبتكر كل يوم قراراً جديداً يقهر حياة الناس ويقتل من لا يتقيد بالقوانين كما لو أن الأرواح ألعاب بيديه، لكن ثورة ما بوادرها باتت واضحة على ملامح سكان المحافظة قد تجد طريقها نحو مقرات التنظيم وربما تكسر جدار الألم اليومي.

التنظيم يفرض رأيه ويسرق الناس
يحاول الناس منذ دخول تنظيم داعش إلى المدينة وريفها، تجنب عناصره وتصرفاتهم، والابتعاد عن دعاوي التنظيم للانضمام إليه ومبايعته.
«لامفر منه» يقول أحد مواطني محافظة دير الزور ويتابع « الخيارات ليست كثيرة بيد الناس، فالقرار الذي يفرضه التنظيم يعممه ويجب على جميع الناس اتباعه، وإلا لن يجد من يعارض القرارات أو يتهرب منها خيراً والاعتقالات أو الإعدامات خير دليل».
يحاول التنظيم – كما يقول ناشطو المدينة – الدخول إلى حيي الجورة والقصور منذ شهرين وقطعوا مؤخراً المعونات عن الناس في الحيين بغية « ترويض الناس».
واعتقل مؤخراً ثلاث سيدات من عائلة واحدة في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي وقام باقتيادهن إلى مركز الحسبة في المدينة بتهمة «عدم لبس الدرع الشرعي بشكل صحيح».
وفرض دورات «شرعية» على مقاتلي المعارضة المنشقين عن الجيش النظامي أو تحمل القصاص عن عدم الحضور وفي أسوء الأحوال دفع مبلغ قدره 7 ملايين ليرة سورية كفدية.
من جانب آخر توضح إحدى الصفحات الإخبارية من المدينة معاملة التنظيم مع الفلاحين حيث تقول «لا يزال التنظيم وعلى وجه الخصوص ديوان الزكاة يلاحق الناس البسطاء « الفلاحين» على أرزاقهم ويفرض عليهم الضرائب الباهظة على تلك المحاصيل» القمح أولاً ثم الشعير وباقي المنتوجات.
فلا يسمح لأي فلاح بأن يبيع أي محصول دون تقييد ذلك في ديوان الزكاة الذي يكون مسؤولاً عن التصدير والاستيراد , وهذه الضرائب تفرض بالقوة ولا حول ولا قوة لاولئك الناس البسيطة.

مقابل المعيشة شبان ينضمون للتنظيم
«غلاء فاحش تعيشه المحافظة» توضح إسراء نقلاً عن عائلتها المتواجدة في المدينة وتقول «وجبة واحدة في النهار يحاول الناس الاعتماد عليها، وتواجد الخبز بات رفاهية مفرطة في ظل غياب أي مقومات غذائية».
يؤكد ناشطون المدينة حالة الغلاء تلك ويشيرون «الناس تعيش في مأساة اقتصادية ولا سبيل لهم مع أي دولة حدودية لكي يخففوا عن أنفسهم، مما اضطر الناس لبيع أراضيهم وترك المحافظة والتوجه إلى تركيا بحثاً عن حياة ما».
تردف صفحة أخبار دير الزور 24 «بعض الأهالي وبسبب هذه الظروف الصعبة قاموا بإرسال أبنائهم للانضمام للتنظيم من أجل المال ومن أجل حياة بسيطة وليس قناعة بالتنظيم أو بعقيدته، وهذا ما دفع بداعش إلى فتح باب التطوع مقابل راتب يتراوح بين 300 الى 500 دولار».

بسبب الحصار حالات عصيان داخل التنظيم وفساد
كمن لديه يقين بفقدانه للسيطرة، بدأت حالات كثيرة داخل التنظيم في دير الزور يعلن قرب انتهائه مقابل صمود تاريخي للمواطنين.
يقول أحد ناشطي المدينة «الحصار الخانق الذي تفرضه داعش على الأهالي في أحياء الجورة والقصور ولّد حالة من الغضب والكراهية لدى بعض المناصرين للتنظيم، فالناس التي تتواجد في تلك الأحياء لا ذنب لها في تشديد الحصار والخناق عليها».
حالة الغضب والكرهية تلك، كشفت عن حالات أخرى واضحة للفساد داخل التنظيم حيث وثقت شبكة أخبار دير الزور 24 كما تقول «هروب قيادات وعناصر داعش من مدينة الشدادي «الحسكة» ومعهم أموال طائلة تقدر بنحو 11 مليون دولار ومن بين من شكل الفرار «المدير المالي ومدير الديوان واثنين من مرافقيهم»
كما وثقت أيضاً «هروب عناصر لداعش من مدينة الميادين باتجاه مناطق غير معلومة خصوصاً بعد سلسلة الإعدامات التي نفذها التنظيم في مدينة الميادين في الآونة الاخيرة وخصوصاً في مدينة الميادين».
في ذات الصدد يتحدث الناشط الإعلامي أبو فراس الديري «أغلب المنتسبين إلى تنظيم الدولة يعرفون تماماً حجم الكوارث الإنسانية التي يرتكبها باسم الدين، ويعرفون تماماً أنه ليس من الدين معاملة الناس بهذه الطريقة، قتلهم أو الاعتداء عليهم واعتقالهم، كما يدركون ضمناً أن الغاية هي نهب أموال الناس وهو ما رأوه بأم العين».

الثورة ضد التنظيم في طريقها للنور
باجتماع أناس حاقدين على التنظيم وتصرفاته، وعناصر من داخل التنظيم لم تعد تنطلي عليهم قصة «الخلافة» باتت الثورة ضد داعش أكيدة.
يشير أبو فراس في هذا السياق «في الأساس لم ينتسب شبان الدير إلى التنظيم عن قناعة ويعرفون تماماً كل مخططه المريض، وهو ما يشكل فرصة لهم للانقلاب عليه بمساعدة الناس».
أهالي دير الزور حسموا قرارهم سابقاً «لن يصبح التنظيم حاكماً للدير» ونفذوا عدة عمليات واضحة ضده وهو ما وثقه ناشطون من المدينة الميادين حيث قالوا «شن مقاتلون مجهولون هجوماً على دورية لداعش بالقرب من المحكمة في المدينة قتل على إثراها 4 عناصر لداعش».
وأضافوا «وهذا ليس الهجوم الأول من نوعه وهو يحدث بشكل مستمر، فبتاريخ 29-5-2015 تمكن بعض المقاتلين من الهجوم على مقر لداعش كان منزلاً لمواطن مدني تم سلبه من قبل التنظيم وتمكن هؤلاء المقاتلين من قتل 8 عناصر تابعين لداعش بواسطة الكواتم».
ربما لا تكون هذه الحالات الوحيدة لمحاربة التنظيم إلا أنها تفي بغرض إشعار الناس في محافظة دير الزور أن هنالك من سينتفض لمآسيهم ويخلصهم من الظلام الداعشي وقد يكون الموعد قريباً جداً.

حازم حسون