في شوارع دمشق.. كوكايين وكبتاغون وأشياء أخرى

%d8%a8%d8%b3%d8%b7%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%ac%d8%a7%d8%a6%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ac%d9%86%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d8%b1%d8%a8%d8%a9

زيتون – أسامة العيسى 

لا شيء يحول بين الراغب في تعاطي المخدرات وتعاطيها بالفعل هنا سوى أن يذهب إلى تحت جسر الثورة أو جسر الرئيس في البرامكة أو المزة جبل أو المزة فيلات أو ضاحية الأسد أو عش الورور ليرى ما يرغب من الأنواع المتعددة متوفراً، إنها دولة الغاب وليست دولة القانون.

في الوقت الذي تستمر فيه عجلة الفلتان الأمني في دمشق تستمر المظاهر السلبية في الرواج لتصبح مألوفة للعيان، وليصبح الحديث عنها أمراً عادياً، وعلى رأسها المخدرات، الرائج الجديد الأكثر شيوعاً في مناطق العاصمة بحسب ما أفادت به مصادر متقاطعة لـ»زيتون»، حيث لا رقيب ولا حسيب إلا سلطات الأسد، التي بات العشرات من أزلامها متورطين بقضايا مماثلة أضفت على هذا المظهر السلبي بل «الجرمي» طابع الشيوع الأكبر.
وتفيد المصادر نفسها بارتفاعٍ ملفتٍ بعدد مروجي المخدرات ضمن مناطق دمشق، مؤكدةً أنّ الرواج الأكبر لها بات يتركز في منطقتي شارع الثورة والمزة فضلاً عن بعض المناطق الأخرى ومنها عش الورور وضاحية الأسد والصناعة والبرامكة ودفّ الشوك، حيث يتم إدخال المواد المخدرة عبر طرق تهريب من الأراضي اللبنانية.

حشيش وكبتاغون.. متوفران في الشوارع:
المعلومات الواردة تفيد بأن أنواع مختلفة من المورفين والكوكايين والحشيش المخدر والكبتاغون تباع بطرق سرية في بعض مناطق دمشق، وطرق شبه معلنة في مناطق أخرى، كما أن هناك نشاطاً لمروجي المخدرات في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام بأقسام منها كما هو الحال في مدينة حمص وبعض مناطق جنوب دمشق واللاذقية وطرطوس ومدينة حلب، حيث باتت شبكات التهريب تعمل ضمن الأراضي السورية بأريحية تامة.
في المقابل، تشير المعلومات نفسها إلى أن الفئات العمرية التي تتعاطى المواد المخدرة تتراوح بين 18 و35 سنة، والمصادر تؤكد أن تلك الحالات لم تكن تسجل بهذا العدد أو بهذه النسبة في المرحلة التي سبقت اندلاع الثورة، حيث كانت نسبة شيوع هذه المظاهر تنخفض إلى أكثر من الثلثين تقريباً، إلّا أنها بدأت تسجل ارتفاعاً ملحوظاً في كل عام بعد العام 2011.

محاكم الأسد تعج بقضايا المخدرات:
وفي تصريح لـ «زيتون» قال المحامي من دمشق سمير . خ: لا يمكن الجزم بأن المروجين يستغلون الظروف التي تمر بها سوريا لتمرير عمليات تهريب المخدرات إلى داخل البلد، وأنا أعني الآن تحديداً دمشق، حيث أن هذه المظاهر تشيع فيها لدرجة كبيرة، المحاكم منشغلة إلى حد كبير بمثل هذه القضايا، والسلطات هنا تعلم بذلك لكنها عاجزة عن فعل أي شيء. المخدرات باتت رائجة بشكل كبير في دمشق الآن، والخطر الأكبر هو على فئة اليافعين ناهيك عن الأطفال بطبيعة الحال، فالمتجول في دمشق مثلاً وأنا أقصد مناطق السيطرة الخاضعة لوجود قوات الأسد سيلاحظ بالفعل انزياح كبير في معايير الأخلاق والعادات الناظمة للمجتمع عن مرحلة ما قبل اندلاع الأحداث، بينما السلطات تقف موقف المتفرج على ما يجري، نظرا لتورط قيادات فيها في تعميم مثل هذه المظاهر.
ويضيف: كل يوم تقريباً يسجل فقط في دائرة القصر العدلي في العاصمة أكثر من 20 حالة إدعاء أولي تتقدم بها النيابة العامة لمحكمة الجنايات بفروعها المختلفة ضد متهمين بتعاطي وترويج وتجارة أنواع مختلفة من المخدرات، لكن لا أحد يستطيع أن يوقفهم عند حد معين، فالكل يدفع في المحاكم ويخرج ليتعاطى ويتاجر من جديد، لا سيما التجار فهم أشخاص كما يقال (مدعومين)، وهم لا يقدمون على المتاجرة بالمخدرات إلا بعد أن يتأكدوا بأنهم سيكونون خارج قضبان السجن في أية حالة سيتم من خلالها الإيقاع بهم، ناهيك عن مسألة أخرى لوحظت وهي تورط فئات من الأشخاص في أمن السلطات (أمن النظام السوري) والدفاع الوطني في مثل هذه القضايا، وهؤلاء لا يتلقون الحساب أو الجزاء فهم يخرجون من القضايا مثل ما يقال (كما تخرج الشعرة من قلب العجين).

شريعة الغاب تقض مضجع أهالي العاصمة:
قانونياً، ما يسمى قانون مكافحة المخدرات تتعامل مع المتعاطي على أنه ضحية يخضع للعلاج حتى يشفى من هذه المواد القاتلة، بينما تتعامل مع المهرب والمروج على أنهما مجرمان يفرض بحقهما عقوبات شديدة حسبما نص عليه القانون، لكن في الواقع فأغلبهم يفرون من العقاب بفعل الدعم المتوفر لهم ودفع الرشاوى للقضاة وضباط الشرطة، كما يؤكد سليمان عبد الكريم، وهو ناشط حقوقي في دمشق.
ويضيف عبد الكريم: لا شيء يحول بين الراغب في تعاطي المخدرات وتعاطيها بالفعل هنا سوى أن يذهب إلى تحت جسر الثورة أو جسر الرئيس في البرامكة أو المزة جبل أو المزة فيلات أو ضاحية الأسد أو عش الورور ليرى ما يرغب من الأنواع المتعددة متوفراً، إنها دولة الغاب وليست دولة القانون، لا يوجد قانون ناظم لمعاقبة المجرمين، هو موجود على الورق بينما الواقع يقول العكس.
سهام محمد، وهي نازحة تقطن في دمشق أيضاً تقول: كل يوم يتم ضبط عدد من العصابات في مناطق سيطرة النظام في البرامكة والمزة وهم يقومون بعمليات اتجار وتعاطي حشيش وأنواع مختلفة من المخدرات، وتضيف: أنا بتت أخشى بالفعل على أولادي. الوضع جداً خطير في هذا المكان، لا يمكن أن تضبط أولادك لا سيما المراهقين منهم، كما أنك تخشى انزياحهم عن أصول التربية بفعل انتشار هذه المظاهر وغيرها بشكل كبير هنا.
وتتابع بالقول: في أحد المرات رأيت بأم عيني أحد عناصر الأمن العسكري وهو يشتري مواد مخدرة من أحد الأشخاص الذين يعملون على بسطات متنقلة وسط الطريق في شارع الثورة ويدعون أنهم يبيعون الدخان فقط، لكنهم في الواقع يبيعونك الدخان والمخدرات معاً. عنصر الأمن العسكري كان بصحبته ثلاثة عناصر آخرين في السيارة، وأحد أقاربي وهو في الدفاع الوطني أخبرني أيضاً أن عشرات العناصر منهم يتعاطون مخدرات وحشيش فضلاً عن المشروبات الروحية الرائجة أساساً، ويقول أن ضباط معهم تابعين للنظام في بعض المرات يقومون هم بجلب المخدرات.
كل هذه الأشياء ولا يزال نظام الأسد يروّج لدمشق، المدينة الوادعة التي تضجّ بالحياة، وأنه لا حرب هناك ولا معارك تدور على رقعة سوريا الكبيرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*