فايزة الوعر.. سيدة من نساء سوريا

 

15045617_1695304817451194_1941097586_n

خاص زيتون

بالرغم من قربه من المشفى العسكري والكلية الحربية، وثكنات النظام التي تحيط بحي الوعر الحمصي من كل جانب، ما دفع ثمنه الحي قمعاً وحشياً نتيجة لمطالبته بحقوقه المدنية، إذ كان الرصاص دوماً هو الرد دونما سابق إنذار، قدمت سيدات الحي ومن بينهن “فايزة عز الدين العوض” الكثير.

تظاهرت نسوة حي الوعر، وعالجن الجرحى، وساعدن الهاربين من ظلم نظام الأسد، وبحكم موقع الحي بالقرب من الكلية الحربية، ساعدت فايزة في إخفاء المنشقين، وتأمين وصولهم إلى ذويهم بأمان.

كما عملت فايزة في مشفى البر، وهو المشفى الوحيد الذي كان تحت حماية العشائر وبعيداً عن يد النظام الذي يتجنب صدامه مع العشائر، وفتحت بيتها المؤلف من ثلاثة طوابق لاستقبال الجرحى بعد خروجهم من المشفى كملجأ آمن لهم.

استمرت فايزة في أعمالها تلك حتى بعد اعتقال أخيها وتهديد زوجها الذي أُجبر على تركها والعودة إلى مسقط رأسه كفرنبودة في ريف حماة.

تشكيل فريق نسائي

بعد عدة أشهر غادرت فايزة مدينتها الفاتنة حمص متّجهةً نحو كفرنبودة للقاء زوجها، ليُصاب بعد ذلك ابنها الأكبر محمد، في مجزرة كفرنبودة في السادس عشر من شباط عام 2012، أثناء قيادته لإحدى المظاهرات.

لم تثن إصابة محمد، أمه عن تشكيل مجموعة نسائية تعمل على معالجة الجرحى وجمع المؤن والكسوة للنازحين، إلى جانب طهو الطعام لهم ومساعدتهم في تدبر أمورهم، قبل أن يسوء الوضع في كفرنبودة.

تمكنت فايزة بالنزوح إلى محافظة إدلب بعد اقتحام قوات النظام لبلدة كفرنبودة لتمكث هناك سبعة أشهر، والعودة بعدها إلى حي الوعر، عبر طريق زراعي في رحلة وصفتها فايزة بالشاقة والمليئة بالذكريات التي لا تُنسى، والتي انتهت بوصولها إلى منزلها المزدحم بالنازحين، لتعيش بينهم كضيفة مدة ستة أشهر، عملت خلالها بكل إمكانياتها على تأمين الطعام والمأوى للثوار، لتزداد محنتها باستشهاد أحد إخوتها وإصابة الآخر واعتقال قوات النظام لابن عمّها، واقتحامها لحي الوعر، ما اضطرها للعودة مجدداً لمسيرة النزوح إلى ريف حماة ثم إلى ريف إدلب، ومن ثم لزيارة ابنها المصاب في تركيا.

تركيا وافتتاح مركزاً لتدريب الفتيات

لدى وصولها إلى تركيا، قررت فايزة أن لا تصبح مجرد صورة معلقة على حائط الزمن، وبمساعدة إحدى صديقاتها افتتحت مركزاً للتجميل، وبدأت فيه بتدريب عدد من الفتيات، وبات المركز البسيط مصدر رزق لفايزة وعائلتها ومن يعمل معها.

تروي صديقتها وضحة عثمان كيف قامت فايزة باستئجار بيت لإيواء الجرحى، وقدمت لقاطنيه المأكل والملبس لمدة عام، بالإضافة إلى معالجة الجرحى وإرشادهم وجمع المعدات الطبية البسيطة لهم، وكراسي للمعاقين، وتأمين تكاليف عمليات جراحية للمرضى، عن طريق نشاط تجاري بسيط، قامت به مجموعة سيدات سوريات كن يبعن فيه المؤن والألبسة وكل ما يستطعن تصنيعه.

وتضيف “عثمان”: “انتقلت فايزة بعد ذلك إلى مساعدة اللاجئين الجدد الذين يتوافدون إلى تركيا، حيث قامت مع صديقاتها بتقديم الدعم للاجئين وإرشادهم إلى أين يتجهون، وجمع الملابس والأثاث والمواد الأساسية اللازمة لهم”.

كل ذلك ولا يزال شعور من التقصير ينتابها، وملازمتها لإحساس أنها ربما تستطيع تقديم الأفضل، رغم محاولتها تقديم كل ما تستطيع لأهل بلدها كما تقول.

فايزة هي نموذج لامرأة من جموع النسوة السوريات اللواتي ألفن البدء من جديد، وقدّمن ولا يزلن يقدمن، جاعلات من أنفسهن قدوة لكل سيدة سورية.

فايزة ليست الوحيدة في تجربتها، وإنما هي سيدة من سيدات سوريا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*