قوة رد المظالم في ريف حلب الشمالي

 

gallery-preview

تقوم مجموعات من مقاتلي جبهة النصرة (القاعدة في بلاد الشام) وكتائب إسلامية أخرى، بتنفيذ حملات اعتقال بحق عدد من قيادي ومقاتلي الجيش الحر في ريف حلب الشمالي عموما وفي مدينة مارع خصوصاً، وذلك تحت مسمى «قوة رد المظالم» وبحجة محاربة المفسدين، و يرى ناشطون أن هذه الأعمال هي تكريس لصناعة داعش جديدة في المنطقة من خلال دعم الفصائل الإسلامية لجبهة النصرة، بسبب خلافات بين هذه الفصائل وفصائل الجيش الحر المستهدفة، في حين يرى آخرون أن هذه الخطوة جيدة ولا بد من تنظيف الجيش الحر من المسيئين بغض النظر عن الجهة التي تقوم بالمحاسبة، بينما يتخوف البعض من أن تتمرد النصرة على الكتائب الداعمة لها بعد أن تتمكن في المنطقة، وأن يصبح لها أطماع في خلق موطئ قدم لها في المنطقة.
استطاعت جبهة النصرة ولأول مرة منذ بدء الثورة السورية أن تفتتح مقراً لها في مدينة مارع بريف حلب الشمالي، وذلك تحت مسمى «قوة رد المظالم»، الأمر الذي كان محظوراً عليها وعلى داعش من قبلها.
وسيطر عدد من مقاتلي النصرة على مبنى النفوس في المدينة وقاموا بطرد الموظف المسئول في المبنى وكتب شعارات النصرة على جدران المبنى، لم يرق الأمر للبعض فقاموا بإطلاق النار على المبنى دون أن تقع أي إصابات في صفوف مقاتلي النصرة.
من هي «قوة رد المظالم» ؟
قوة رد المظالم هي تجمع لمقاتلين من جبهة النصرة والجبهة الشامية «الجبهة الإسلامية سابقاً» وجيش المجاهدين، التي يطغى عليها الطابع الإسلامي لكن أغلب العناصر هم من مقاتلي النصرة بالإضافة لعدد قليل من مقاتلي الفصائل الأخرى، واتخذت مقراً لها في مدينة حريتان بريف حلب الشمالي، والذي يعد معقلاً رئيسياً للنصرة في ريف حلب الشمالي، وأصدرت عدة بيانات تدعو المواطنين الى تقديم الشكاوى عن تجاوزات الجيش الحر في ريف مدينة حلب، وأنها قوة «لحماية و إنقاذ الشعب من قطّاع الطرق واللصوص والمتسلقين» وقامت باعتقال عدد من قيادي ومقاتلي الجيش الحر، كان معظمهم من الذين يقاتلون داعش بالقرب من مدينة مارع.
هي داعش جديدة في المنقطة
محمد وهو قيادي في الجيش الحر ويقاتل مع كتيبته على الخطوط الأولى ضد داعش في قرية تل مالد القريبة من مدينة مارع يقول: هذه القوة هي لصناعة داعش جديدة في المنطقة، كلنا يذكر عندما قامت داعش باعتقال قيادي ومقاتلي الجيش الحر كان تحت مسمى محاربة المفسدين، وكانت أيضا بعلم ورضا الفصائل الكبيرة، وكان نتيجة هذا السكوت أننا فقدنا عدد كبير من الشهداء في القتال مع داعش غير الذين اعتقلتهم وقامت بإعدامهم، وما دعم الفصائل الإسلامية لها الى للانتقام من القياديين الذين تلاحقهم هذه القوة، الا لرفض هؤلاء الدخول تحت قيادتهم أو الانخراط في صفوفهم أوالرضوخ لقراراتهم.
وأعرب محمد عن خشيته من تصفية المعتقلين أو عدم محاكمتهم محاكمة عادلة، حيث أن أغلب التهم الموجهة لهم هي تهم باطلة ولا تستند الى أدلة حقيقة أو ملموسة، كما أبدى تخوفه من أن يكون المستهدفون هم فقط قيادي الجيش الحر الذين يقاتلون داعش في المنطقة، حيث أن وصول داعش الى ما وصلت إليه بعد معارك أخترين ما كان ليكون لولا «خيانة» بعض من مقاتلي النصرة في تركمان بارح والسماح لداعش بالدخول لأخترين.
وتساءل محمد: لماذا لا تذهب هذه القوة وتحارب المفسدين في ريف حلب الغربي، أو قطاع الطرق والخاطفين في ريف حلب الجنوبي، ولماذا لا تدخل الى مدينة حلب وتقوم بمحاسبة المفسدين أيضا وهم كثر، أم أن تلك المناطق غير مهمة بقدر أهمية هذه المنطقة؟.
هي خطوة في الاتجاه الصحيح ومتأخرة
أبو سعيد وهو مواطن خطف ولده من قبل مجهولين وابتزوه لدفع مبلغ ضخم للإفراج عنه إلا أنهم قاموا بإعدام ابنه بسبب عدم مقدرته على دفع المبلغ قال: أبارك لهم عملهم هذا ولو أنه تأخر كثيراً، حيث أن محاربة المفسدين يجب أن تكون أولوية مثلها مثل محاربة النظام وداعش، وأغلب الذين تم إلقاء القبض عليهم هم من المقاتلين سيئي السمعة، وقاموا بعدة أعمال غير مقبولة، كما اعتقلوا عدد من المواطنين الأبرياء بتهمة الانتماء لداعش أو التخابر مع النظام، وقاموا بتعذيبهم وابتزازهم مادياً ليقوموا بالإفراج عنهم.
كما أضاف أبو محمد: هناك مقاتلين صادقين على الجبهات ضد النظام وداعش، يقدمون الغالي والنفيس في سبيل حرية وكرامة المواطن السوري، وهم دوماً على الجبهات ولا يتعرضون لأحد من المواطنين الآمنين، لأنهم هم فداء للمواطنين، بينما تجد المفسدين دوماً في المقرات وبعيدين عن الجبهات ويتدخلون بأمور المواطنين.

في حين قال أبو محمد إن محاربة المفسدين تأخرت كثيراً، حيث أنهم أصبحوا قوة لا يستهان بها، ولهم مناصرين من المستفيدين منهم، وكان يفترض على الجيش الحر أن يقوم بمحاسبة المفسدين فوراً منذ تأسيسه، وان غفلته عن هذا الجانب أثر بشكل كبير على الحاضنة الشعبية للجيش الحر على حساب الفصائل الإسلامية، التي قل فيها المفسدين والمسيئين.
مطالبة بمحاكمة عادلة للمتهمين
بدوره قال المحامي خالد: أتمنى أن يكون عمل «قوة رد المظالم» ضمن القانون والشرع، ون يقوموا بإثبات التهم الموجهة للمعتقلين، وأن تكون الدلائل بشكل ملموس وواقعي بعيداً عن المشاكل الشخصية بين المدعيين والمتهمين، كما أتمنى أن يحاكم المتهمون محاكمة عادلة، وأن يسمح لهم بدفاع عن أنفسهم أمام التهم الموجهة إليهم، حيث أن أغلب المواطنين وللأسف يتناقلون الكلام عن المقاتلين نقل، وأغلبهم لا يرون شيئاً مما يقال وينسب للجيش الحر، وهو أمر يجب أن تأخذه «قوة رد المظالم» بالحسبان، وأن تقوم بمعاقبة كل من يدعي على أحد ولا يثبت صحة ادعاءاته.
تجنب الأمور المدنية
قامت «قوة رد المظالم» بفرز عدد من «الشرعيين» لتلقي شكاوى المواطنين ضد من وصفتهم بالمسيئين، وطالبت المواطنين بعدم إشغال «الشرعيين» بالأمور والمشاكل والشكاوى المدنية، حيث أن عملها يقتصر فقط على محاسبة حاملي السلاح من أي فصيل كان، ومهما كانت رتبته وموقعه، ولا أحد فوق المحاسبة والمساءلة، في حال توجهت تهم بالفساد إليه، وذلك حسب ما أعلن عدد من «الشرعيين» الذين قامت القوة بفرزهم في مقراتها بعدد من مدن وقرى وبلدات ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي.
فهل هي فعلاً قوة جاءت لتحارب المفسدين من حاملي السلاح في ريف حلب، والذين لا ننكر كثرتهم في عدد من المناطق، أم هي قوة لدعم وجود جبهة النصرة في مناطق لم تستطع أن تتواجد فيها من قبل، وبعلم ورضي قياديين في الجبهة الشامية، أم أنها لتصفية حسابات
مع قيادي الجيش الحر، هذا ما سنشهده في الأيام القادمة من عمر ثورتنا المباركة.

خالد أبو الوليد