مع أول أيام “الهدنة”.. مدنيو سوريا يتنفّسون الصعداء

10371906_462583847266034_3825437751122776811_n

زيتون : أسامة عيسى

تسود حال من الهدوءِ النسبي أغلب جبهات القتال في سوريا بعد دخول اتفاق وقف ما سمي “الأعمال العدائية” حيزَ التنفيذ في يومه الثاني، باستثناءِ الجبهاتِ التي توجدُ فيها جبهةُ النصرة وتنظيم داعش.

الهدنة التي تعد الأولى من نوعها بهذا الحجم منذ خمس سنوات تقريباً، في سوريا التي تشهد حرباً دموية يشنها نظام بشار الأسد وحلفاؤه على السوريين، أسفرت عن استشهاد أكثر من 200 ألف شخص بجانب المعارضة، بحسب إحصاءات صادرة عن مؤسسات ومراصد حقوقية، فضلاً عن مقتل ما لا يقل عن نصفهم في جانب النظام، جعلها فرصة للمدنيين لتنفس الصعداء بعد سنوات عجاف من الحرب.

مصادر متقاطعة أفادت لـ”زيتون” بأن الهدوء النسبي عم غالبية المحافظات السورية، يوم أمس، وساعات صباح اليوم. وفي المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل غير موقعة على التهدئة، انخفض منسوب الاستهداف اليومي، بالمقابل لا زال نظام الأسد وحلفاءه يرتكبون خروقات بين هنا وهناك.

الناشطة هبة الشامي من حمص تقول لـ”زيتون”: “إنها المرة الأولى منذ سنوات التي ينخفض فيها معدل القصف وإطلاق النار مع وقوع حوادث فردية لإطلاق نار في بعض المناطق، ونحن مستمرون كنشطاء ميدانيين في رصد كل الخروقات الواقعة ورفعها للجهات المعنية بذلك، لكن الوضع بالمجمل جيد، والأمر بحاجة إلى تفعيل أكبر، وإلزام نظام الأسد به ولجم انتهاكاته، وهو نظام معلوم عنه خيانة العهود عموماً!!”.

سمير صالح، من دمشق، يعيش ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، يقول: “لا بد من الهدنة، نحن لسنا أعداء لأحد، نحن مدنيون مثلنا مثل الناس التي تقطن في المناطق المحررة. كلنا نريد أن نعيش، أن نطعم أولادنا، لا نريد أن نموت. أنا لا يهمني النظام، وهنا لا نستطيع الحديث بكل شيء، لكن ظروفي المريرة وظروف آلاف الناس دفعتهم للسكن في هذه المناطق. لا أعلم بحال السوري من السوري نفسه. لا شك أننا فرحين بالهدنة اليوم، ونتمنى أن تكون كل أيامنا هدنة، حتى تنتهي هذه الحرب!!”.

ويستثني الاتفاق المتضمن وقف إطلاق النار تنظيم “داعش” الذي يحكم سيطرته على مناطق واسعة في سوريا وخصوصاً في شمال وشمال شرق ووسط وجنوب البلاد، فضلاً عن جبهة النصرة التي تتواجد في محافظات عدة، والتي أكد ناشطون إخلاء مقارها من بين المدنيين منعاً لاستهدافهم، في خطوة لاقت اهتمام الشارع، فيما لم تشهد مناطق داعش تحركات مماثلة، الأمر الذي أقلق المدنيين هناك.

ويرى رئيف المحمد، من دير الزور، أن “النزوح هو أفضل حل، أو أننا نترك الأمر لله، لأننا الآن هدف لطيران الأسد والتحالف الروسي وطيران العالم كله. يا ليتهم يقصفون داعش، هم يقصفونا، ونحن لا مكان نذهب إليه، سوى البحث عن مكان للنزوح، وهذه هي حياتنا منذ سنوات، النزوح من مكان لمكان فقط!!”.

بالمقابل، أم يزن، نازحة بريف القنيطرة، تقول إن “جبهة النصرة نقلت المقاتلين من هنا. كل ذلك كي لا يتم استهداف المدنيين، نحن نشكرهم على ذلك، نحن تعبنا. نريد أن نتنفس كما كل البشر. تعبنا من الحرب، من الدمار، من الجوع، من كل شيء!!”.

ويؤكد الناشط الحقوقي معروف طعمة أن “الاتفاق تم نقضه في عدة مناطق سورية، والمتهم بذلك هو الأسد وحلفائه، لكن بالمجمل الهدوء النسبي موجود، حيث شهدت مناطق عدة من الأرياف والمدن حركة للمدنيين لقضاء احتياجاتهم، وهو أمر لم يكن بهذا المنسوب سابقاً”، مشدداً على أن “الامر المهم في الاتفاق هو إلزام الأسد وروسيا به وعدم خرقه، حيث أن هناك جهات عدة تراقب الخروقات وترفع بها تقارير للجهات الدولية”.

وكان مجلسُ الامنِ الدولي تبنى، أمس الجمعة، قراراً بالإجماعِ دعم من خلاله اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا، حمل رقم 2268، حاضّاً الأطراف المشمولة فيه على الالتزام بمقتضياته.

بدوره، اعتبر المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، في كلمةٍ له قبل عملية التصويت، أن الاتفاق سيكون “مصيرياً” لسوريا على حدِ تعبيره، مشيراً لاحقاً إلى احتمال حصول خروقات.