“الله يساعدكم ياللعزّابيةّ.. مِحبَس وسَاعة بألفين وميّة”

12417560_473078722883213_9125419762385033628_n

زيتون – أسامة عيسى

بهذه الأهزوجة التي تمثل جزءاً من تراث المنطقة الجنوبية من سوريا، اختصرت الحاجة “أم علاء” اللاجئة من ريف درعا إلى الأردن، مشكلة آلاف الشباب مع ما بات يسجل من ارتفاع مهر الزواج الذي يشترطه ذوي الفتاة لمن يتقدم لطلب يدها، في التوازي مع استمرار ارتفاع منسوب حالات الطلاق المسجلة بين صفوف اللاجئين السوريين في المملكة التي يحط على أراضيها قرابة مليون وخمسمائة ألف سوري منذ العام 2011م.

وفي حين كانت الإشكالية العامة لمسألة الزواج ذات بُعد مختلف حتى العام 2014م بالنسبة للاجئين السوريين في الأراضي الأردنية، والذين ينقسمون في توزعهم إلى فئتين، الأولى تعيش ضمن مخيمات نظامية، والأخرى في مناطق سكانية ضمن المدن والبلدات، حيث كان الزواج بين السوريين أنفسهم شيء مستطاع، مع انخفاض واضح في المهور التي كانت تسجل بالليرة السورية وليس بالدينار الأردني أو الدولار الأمريكي كما هو الحال عليه الآن.

ناريمان م.، 23 عاماً من درعا، تقول إن ثلاث شبان تقدموا لها حيث تقطن وعائلتها في مدينة إربد شمال الأردن، إلا أن المهر الذي اشترطه والدها لها وهو 5000 دينار أردني (قرابة 7000 دولار أمريكي) كان سبباً في تركهم الأمر، واللجوء إلى الزواج من فتاة في مخيم الزعتري، لكون الأهالي هناء “بسطاء” كما تقول ولا يضعون الشروط نفسها كما هو الحال خارج المخيم.

وتضيف “أنا لا أريد المال ولا أريد لا 5 آلاف ولا مليون دينار، أريد أن أنستر كما كل البنات التي تتزوج، لكن هذه المشكلة ليست مشكلتي وحدي، فغالبية الأهالي الذين يعيشون في خارج المخيمات يرفعون المهر دون مبرر، ولا أحد يعلم لماذا، والسبب كما هو معروف عنوسة بناتهم وحرمانهن من أبسط الحقوق..”.

سميح الناجي، وهو سوري مقيم في مدنية الرمثا الأردنية (الحدودية مع سوريا) يقول من جانبه، إن حالات ارتفاع المهر خارج مخيمات اللجوء في الأردن أصبحت “عادة دارجة”، وهو يبرر ذلك من وجهة نظره بالقول: “يا أخي الأمر الآن ليس كما في السابق، جرب الناس تخفيض المهور فأصبح مصير البنات لعبة في يد شبان مراهقين أغلبهم يلجئون للزواج في سن مبكرة، وأخرون منهم يستهترون بانخفاض المهر للتنكيل ببنات الناس ومعاملتها وكأنها ليست إنسانة”.

ويضيف “هذا الأمر مسؤوليتي أنا كأب ومسؤولية كل من له بنت في مثل هذا الوضع الخطير الذي نعيشه. أنا زوجت ابنتين لي أحدهما طلقلها زوجها وفر عائداً لسوريا بعد ست أيام من الزواج، والأخرى الله أعلم كيف عايشة..! وأنا لا أستطيع فعل شيء كونه هناك أولاد لها، وزوجها يعايرها بأن كل مهرها 100 دينار، لكوني لم أضع عليه مهراً غالياً حينها”.

“أبو خالد” إمام وشيخ دين من سوريا، يقيم في العاصمة الأردنية عمان، يقول: “لا شيء يبرر أبداً من الوجهة الشرعية لجوء الأهالي لهذه العادة الغير حميدة، وهذا الأمر مخالف للشرع، ويخالف ما أوصى به النبي محمد صلى الله عليه وسلم”، ويردف “أنا أعترف بأنها مشكلة فعلية ويومياً تمر علي عدة حالات شبيهة وشكاوى من شبان سوريين يريدون الزواج لكنهم لا يستطيعون إليه سبيلاً، وهذا الأمر يؤثم الأهل، وبالذات الأب، فغلاء المهر لا علاقة له بردع الشاب الراغب بالزواج، إنما أمام ذوي الفتاة فرصة للسؤال عنه فترة كافية، وإن كان من ذوي السلوك الحسن يعطى، وإلا هذا الأمر قسمة ونصيب من رب العالمين”.

وتخالف أم معتز مسلماني ما يقوله الشيخ “أبو خالد”، وترى أن هذا “الحكم الشرعي لا يمنع من رفع مهر الفتاة بالتزامن مع تغير الأوضاع التي بات السوريون يعيشونها من سيء إلى أسوأ”، وتضيف “ابنتي طلقها زوجها بعد 24 ساعة زواج، لأنه استهتر بنا وبأننا لم نطلب منه شيئاً، كان الطلاق عليه هين لأن لا رادع له في ذلك، وأنا لا أقول أن المال هو الرادع، فالمال وسخ الحياة، لكنه له تأثير ولو قلّ.. على الأقل في ضمان حقوق الفتاة في مثل هذا الزمن الصعب”.

من جهتها، تقول الحاجة “أم علاء” التي تقطن في مدينة إربد الأردنية أيضاً إن عشرات الشبات باتوا غير قادرين فعلياً على الزواج، لأنهم لا يجدون العمل وكذلك لأن المهور أصبحت غالية، وتضيف “في الوقت السابق، قبل نحو سنتين كانت الكثير من العائلات توافق على تزويج بناتها دون طلب مهر، وكانوا يعفون الشباب حتى من المنزل أو الأثاث أو الذهب أو حتى العرس (حفل الزفاف)، لأن الوضع الآن صعب للغاية، أما بعد ذلك فما الذي جرى لا نعرف، أصبح الحال صعباً جداً للشباب أنفسهم الذين أصبح وضعهم مبكي..”.

وتختم الحاجة “أم علاء” مُطلٍقةً أهزوجة من أهازيج الجنوب السوري التراثية “الله يساعدكم ياللعزّابيةّ.. مِحبَس وسَاعة بألفين وميّة”، وعند سؤالها عن مدلول تلك الأنشودة، قالت إنها تختصر مشكلة آلاف الشبان السوريين اللاجئين خارج مخيمات الأردن في الوقت الحالي، والذين يراودهم التفكير بشريكة الحياة.