اللاجئون العالقون على الحدود الأردنية… أيتام على موائد اللئام

مها الخضور

لا يزال آلاف اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب في بلدهم عالقين بالقرب من الحدود الأردنية منذ ما يزيد عن شهرين، يمنعهم خوفهم من العودة إلى مدنهم وقراهم التي فروا منها وتمنعهم الحكومة الأردنية من دخول أراضيها. وأغلب هؤلاء اللاجئين هم من النساء والأطفال حسب المعلومات التي رشحت من مصادر ذات صلة بالمنظمات والهيئات الدولية والمحلية العاملة في مجال الإغاثة. وقد أدانت الأمم المتحدة والمفوضية السامية للاجئين الموقف الأردني وطالبت الحكومة الأردنية بالسماح للاجئين بدخول المناطق الآمنة حرصا على حياتهم وضرورة الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أقرتها الأردن بخصوص إغاثة المنكوبين بسبب الحروب أو الخلافات السياسية. لكن الأردن تصرّ على التذكير بتقديم المساعدات المالية اللازمة لأنها لم تعد قادرة على احتمال المزيد من التكاليف ولم يفوّت المسؤولون الأردنيون أية فرصة للمطالبة بالأموال اللازمة لتغطية نفقات اللاجئين السوريين على أراضي المملكة الأردنية.
وقد وجه السيد آندرو هاربر-مسؤول مكتب المفوضية العامة للاجئين في الأردن والتابع للأمم المتحدة نداء استغاثة يناشد المجتمع الدولي بتسهيل دخول السوريين الفارين من الحرب إلى بلدان أخرى وأكد على ضرورة قيام دول الجوار بمهامها الإنسانية تجاه هؤلاء اللاجئين وإغاثتهم. وقد أكد السيد هاربر على ضرورة فتح الحدود الأردنية والسماح بدخول السوريين وتقديم العون لهم قائلاً: «منذ عدة أسابيع تردنا التقارير حول وجود تجمع كبير من اللاجئين السوريين بالقرب من الحدود الأردنية التي أغلقت في وجههم على الرغم من أن الأردن كانت من أوائل الدول التي فتحت أبوابها لاستقبال اللاجئين السوريين في بداية الأزمة السورية، إننا نتطلع إلى موقف أردني أفضل للسماح بدخول هؤلاء اللاجئين وإغاثتهم وفق ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان».

وفي السياق نفسه أصدرت بعض المنظمات الدولية كالمجلس النرويجي للإغاثة وغيره تقاريرها حول أوضاع اللاجئين الفارين باتجاه الحدود الأردنية وإمكانية عبورهم لتلك الحدود، وتشير تلك التقارير إلى أن أعداد اللاجئين الذين يتمكنون من عبور الحدود ودخول المملكة الأردنية بدأت بالتناقص اعتباراً من شهر أيلول 2013 حيث نجح نحو 6000 شخص من اجتياز تلك الحدود نحو الأردن ولكن 500 شخص فقط استطاعوا العبور خلال شهر تشرين الأول الماضي بينما لم يستطع أكثر من عدد محدود جداً من اللاجئين تجاوز تلك الحدود خلال شهر تشرين الثاني بسبب الإجراءات التعسفية التي اتخذتها الحكومة الأردنية لمنع دخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها بحجة تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بواجباته تجاه الأزمة السورية وتركه الأردن وبقية دول الجوار يتحملون العبء الأكبر دون تقديم المساعدات المالية المطلوبة.

ومع استمرار المعارك واتساع رقعتها لتشمل غالبية الأراضي السورية وبالتحديد بع تمكن تنظيم «الدولة الإسلامية» من التقدم باتجاه ريف كل من حمص وحماه من الجهة الشرقية ما يعني وصوله إلى المنطقة الوسطى في سوريا حيث توجد أعلى نسبة سكانية فقد شهدت تلك المناطق نزوح العديد من الأسر بحثاً عن ملاذ آمن وهرباً من الخطر القادم الذي تحمله لهم داعش بعد الأخبار المروعة التي يتناقلها السوريون عن وحشية هذا التنظيم في المناطق الي سيطر عليها سابقا. وبسبب الأوضاع السيئة باتجاه الحدود الشرقية والغربية للبلاد وجدت آلاف العائلات نفسها تهرب باتجاه الجنوب نحو الحدود الأردنية التي أغلقت في وجههم تماما ولكنهم ورغم قسوة الظروف الجوية هناك لم يغادروا منطقة الحدود لأسباب كثيرة حيث أن بعضهم فضل البقاء بعيداً عن مناطق الصراع التي هرب منها مهما كانت الظروف، لكن غالبية اللاجئين هناك يصبرون أنفسهم للبقاء في ظروف لا يحتملها أي إنسان على أمل أن تتكرم حكومة الأردن الشقيق بفتح بوابات العبور التي يحاول المئات من السوريين يوميا الخروج منها لكنهم يصطدمون بردات فعل شرسة من جانب الجيش الأردني الذي أوكلت له مهمة حماية الحدود.
وبسبب البرد القارس وانعدام أي اهتمام بأوضاعهم فقد اضطر هؤلاء اللاجئون لصنع خيامهم من الملابس والشراشف التي بحوذتهم واتخذوا تلك الخيام مساكن لهم ولأطفالهم وتركز أغلبهم بالقرب من منطقة المفرق الأردنية ذات المناخ الصحراوي والتي تعرف ببردها القارس ليلا. وقد أظهرت بعض الصورة التي تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية وجود ما يقارب 155 خيمة في المنطقة القريبة من المفرق وحدها، ويقدر العاملون في الأمم المتحدة أن أعداد السوريين المرغمين على البقاء في تلك الظروف القاسية جدا يقارب نحو 4000 لاجئ وجميعهم بحاجة ماسة وعاجلة لمأوى حقيقي يقيهم برد الشتاء كما أنهم يستحقون وصول الفرق الطبية والإغاثية الدولية والمحلية لإمدادهم بما يعينهم على البقاء والصمود في ظل الظروف التي أجبروا على العيش فيها.
جولي. ر- إحدى نشطاء المجلس العالمي لإغاثة اللاجئين (IRC) وصفت أوضاع اللاجئين السوريين على الحدود الأردنية قائلة: «مع حلول فصل الشتاء ازداد الوضع صعوبة على هؤلاء المرميين في العراء بالقرب من الحدود الأردنية وطالبنا بالوصول إليهم ولكن الرد جاء بالرفض من قبل الحكومة الأردنية وسمحوا لنا بإرسال بعض المساعدات الضرورية جدا كالغذاء والأغطية فقط وتم إرسال تلك المساعدات عبر وحدات من الجيش الأردني دون السماح لنا بالوصول إلى المنطقة الحدودية».

أما عن الموقف الأردني الرسمي فقد أعلنه بصفاقة لا تشوبها شائبة الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية السيد محمد المومني بقوله: «نحن لا نتحمل مسؤولية أي شيء خارج حدود المملكة الأردنية الهاشمية، وهؤلاء السوريون الموجودون بالقرب من حدودنا لا يزالون في بلدهم وضمن حدودهم» وكأنه لم يسمع بالحرب التي دمرت البلد الذي يتحدث عنه أو أنه لا يريد أن يتذكر أن السوريين هاموا على وجوههم في أصقاع الأرض كلها هرباً من الموت الذي ملأ ساحات الوطن. ولدى سؤال المومني عن أسباب منع السوريين من دخول الأراضي الأردنية اكتفى بالقول أن بلده سجل انخفاضا ملحوظا في أعداد السوريين القادمين إليه اعتبارا من شهر أيلول الماضي دون ذكر الأسباب وقد أكد أن منع الصحافة من الوصول إلى المنطقة الحدودية لدواع أمنية بحتة وحرصا على حياة الصحفيين لأن المنطقة المذكورة سجلت منطقة خطرة على حياتهمصورة-للاجئين-على-الحدود-مع-الأدرن

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*