أم محمد.. ثورة ضد النظام و”النصرة”

438

في معرة النعمان في ريف إدلب، تستكمل أم محمد، الثورة التي بدأت ضد النظام، بثورة جديدة ضد وجه النظام الآخر: “جبهة النصرة”. 

تقول أم محمد لـ”المدن”، بلهجة ساخرة: “تسلمت (جبهة النصرة) معسكر وادي الضيف المحاذي لمدينتي معرة النعمان، بمعركة استعراضية مع قوات الأسد، يُطلق من الأعيرة النارية في زفاف أحد شباب المدينة ما يفوق ما استخدم في تلك المعركة”. ومن وقتها بدأت “النصرة” باستغلال “نصرها” للتحكم بأمور المواطنين وفرض أجنداتها، فاصطدمت “النصرة” بحسب كلام أم محمد بـ”شعب ثائر رفض كل ما أملاه هذا التنظيم”.

ولأم محمد أربع أولاد، وكانت قد فقدت أخاها المقاتل في صفوف الجيش الحر أثناء معركة ضد قوات النظام في ريف حلب، كما فقدت ابن أخيها على تخوم معسكر “وادي الضيف” في معرة النعمان.

وشاركت أم محمد، في التظاهرات ضد النظام السوري، منذ وصول الثورة السورية في مدينتها معرة النعمان أواخر آذار/مارس 2011. وكانت تخرج للتظاهر برفقة زوجها الذي انضم الى مجموعة في الجيش الحر. ونظراً لكونها أمرأة في الأربعينيات من العمر، فقد كانت تتحرك بسهولة في أرجاء معرة النعمان، التي قطّعتها حواجز قوات النظام، لتقوم بنقل ما تقدر على حمله من سلاح وذخائر إلى زوجها وأصدقائه. وفي المساء كانت تُحضر لهم الطعام وتغسل ملابسهم.

بعد استيلاء “جبهة النصرة” على معرة النعمان، سرعان ما أيقنت “الجبهة” أنها لا تملك الحاضنة الشعبية في المدينة، خاصة بعدما دخل اتفاق “وقف الأعمال العدائية” حيز التنفيذ في شباط/فبراير، وعادت التظاهرات إلى معظم الساحات السورية، فخرج المئات من أهالي معرة النعمان في تظاهرة شعبية.

“جبهة النصرة” اعتدت على تلك التظاهرة، ومن ثم اعتدت على مقرات “الفرقة 13″، المنتمية للجيش الحر ومعظم مقاتليها من معرة النعمان. “النصرة” سرقت سلاح “الفرقة 13″، وقتلت ومثّلت بجثث 6 من عناصرها بعدما سلموا أسلحتهم إثر الهجوم العنيف، والذي استخدمت فيه المدفعية الثقيلة. تقول أم محمد: “ورغم خروجنا في تظاهرة منعاً للاقتتال وحقناً للدماء إلا أننا لم نلق آذاناً صاغية من قبل تنظيم القاعدة”.

“لم أتردد في قيادة التظاهرة ضد تنظيم القاعدة”، تقول أم محمد، و”لا أزال وسأبقى إن تركوني على قيد الحياة”، في إشارة منها إلى التهديدات التي تلقتها من “النصرة”، والتي وصلتها بعدما أفرجت عن شاب كان قد اعتقل في ظروف غامضة عند جهة مجهولة، وجّهت له أسئلة تتعلق بأم محمد وزوجها ومكان سكنها.

أم محمد أكدت استمراها في الحراك، ضد “جبهة النصرة” الذي دخل يومه الـ77. وهي عندما تهتف في الجموع ضد “النصرة”، فهي تقف ضد: “من قتل أبناء بلدها وهجّر شبابه، وهذا الدافع كفيل باسقاط أنظمة عالمية لا مجرد مليشيات مسلحة، ودون هذا الحراك يرخص كل غالٍ”.

لم تستبعد أم محمد أن تكون الجهة الخاطفة للشاب الذي نقل لها التهديدات، هي “جبهة النصرة” التي اعتدت وفي وضح النهار على التظاهرات المناهضة لها، إلا أن المتظاهرين وجلهم من النساء، تصدوا للجبهة بسلميتهم وإيمانهم بقضيتهم. وهذا “الإيمان أقوى من كل ما يمتلكه التنظيم من أسلحة وسيارات مفخخة”، والتي فجرت إحداها قرب ساحة التظاهر لإرهاب المتظاهرين، وتخويفهم لإيقاف حراكهم ضد “النصرة”.

“المرأة هي ثورة بحد ذاتها” تقولها أم محمد، بقلب محروق، بعد الإساءات اللفظية التي تعرضت لها المتظاهرات من قبل عناصر “النصرة”، وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. فـ”المرأة هي الشهيدة والمعتقلة والمهجرة وهي أم الشهيد وبنت المعتقل، وإن استدعى الأمر فهي المقاتلة التي ستحمل السلاح وتقف الى جانب الرجل بدون تردد”.

“كمواعيد الصلاة مقدسة هي مواعيد تظاهراتنا، فمنذ بداية الثورة كنت أتظاهر برفقة زوجي وإلى اليوم نذهب معاً للتظاهر وأي عمل آخر لن يثنيني عن الخروج في المظاهرة، وعندما يكون لدي الكثير من الأعمال المنزلية أستيقظ باكراً لإنهائها قبل موعد المظاهرة”. وتتابع أم محمد: “خرجنا ضد ظلم الأسد وطلباً للحرية وخرجنا في تظاهراتنا ضد داعش وها نحن اليوم نخرج ضد تنظيم القاعدة، ورسالتي إلى من سيقف بوجه الشعب السوري: لا تتبع خطاهم لأنك ستلقى نفس المصير”.

وتؤمن أم محمد بالحراك السلمي ضد تنظيم “القاعدة”. وتحت تأثير التظاهرات أطلقت “الجبهة” سراح 50 مقاتلاً من “الفرقة 13”. وتقول: “نحن أبناء سوريا من سيحررها من الأسد وداعش والقاعدة، رجالاً ونساءً، وسنستمر بالتظاهر حتى يخرج تنظيم القاعدة من وطننا ويعود إليه أبناؤه المهجرون في الشتات”. 

المصدر : المدن 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*