الصحافة السورية البديلة.. دكاكين أم مؤسسات؟

349

تغص مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الإنترنت بكمٍ هائلٍ من وسائل الإعلام المختلفة (صحف وراديوهات ومواقع إخبارية), تُدرج تحت مسمى الإعلام البديل الذي نشا لمجابهة إعلام النظام االمرفوض والممجوج شعبيا, ليحل محله إعلام يليق بثورة الشعب السوري وبتضحياته.
ومن اللافت أن الكثير من هذه الوسائل قد حصلت على ودعم مادي ثابت ومستمر لمدة طويلة من الزمن لكنها لم تتمكن من التقدم في هيكليتها وتطوير عملها بشكل يتوازى مع حجم الانفاق عليها.
ويتداول الناشطون أن الأموال التي صرفت على ورش التدريب والتأهيل المهني بما يتعلق بالصحافة والإعلام هائلة وسخية، وكان يفترض بتلك الورش أن تنتج أشخاصا مهنيين الى حد ما يديرون مشاريعهم الإعلامية التي تخدم الثورة بشكل مؤسساتي.
لم يقتصر الأمر على عبثية تلك الدورات وعدم نفعها بل تعداها الى ترسيخ فكرة القبول بالواقع الإعلامي والتعامل معه على أنه أمر غير قابل للتطوير.
وفي السوق الإعلامي يصطدم الكثير من الشباب العامل في هذه الوسائل مع إداراتهم لتَرشح تلك الخلافات على السطح فترة من الزمن ثم تختفي في زحمة الإخبار السورية , وما بين مصلحة الصحفي ومصلحة الوسيلة يبقى الحل الأمثل هو ايجاد البنية القانونية والنظام الداخلي والمؤسسة الحقيقية التي تضمن حل جميع المشاكل ضمن مؤسساتها بشكل قانوني واضح وعادل.
ويصعب على المتابع للشأن الصحفي أن يصدق أن من بين مئات الوسائل الإعلامية والصحفية السورية ليس هنالك أية وسيلة اعلامية استطاعت أن تجعل من نفسها مؤسسة حقيقية.
ويعود السبب في اغلب الأحيان الى عدم الرغبة من القائمين على تلك الوسائل بالتخلي عن حرية التصرف في إدارة الوسيلة وحصر جميع القرارات بيده بما يتيح له التصرف بدون قواعد مكتوبة وملزمة له وللموظفين.
ولا يخفى على أحد ما تقدمه المأسسة للوسائل الإعلامية من مهنية في الأداء الإعلامي واستمرارية للوسيلة ونزاهة في الإدارة ومصداقية لدى القراء.
ومن المفارقات التي سقط فيها الإعلام البديل هي تلك التي طرحها ضمن شعاراته الأولى من نشر إعلام حر أو محاربة للفساد أو الوقوف مع المظلومين بينما يتعامل مع موظفيه بدون أية ضمانة حقيقة سواء باستمراره بالعمل أو تسريحه تعسفيا أو فرض واجبات إضافية فوق طاقته.
ويشتكي الكثير من العاملين في المجال الإعلامي من عدم وجود مظلة قانونية تحميهم داخل وسائلهم أو توضح لهم حقوقهم أو واجباتهم أو تحميهم من عسف مدرائهم، فكيف يمكن للصحفي أن يمارس عمله في الوقوف بجانب المظلوم وهو واقع تحت ظلم اخر.
تعتبر الشفافية المالية من أهم مقومات المأسسة والتي ترسخ جوا من الثقة والقوة في عمل المؤسسات، وحذرت دراسة صحفية أعدها الصحفي العراقي «ضياء رسن» من أن الغموض في مصادر التمويل المالي يتنافى مع استقلالية العمل الصحفي ويقلل فرص النجاح الاعلامي.
ودعت الدراسة وسائل الاعلام الى :» الكشف عن مصادر تمويلها المالي وكافة حساباتها المالية لإضفاء المزيد من الشفافية في التعامل مع الجمهور وترسيخا لمبادئ الاعلام الدولية «.
ويقول معد الدراسة أنه :» من الصعب على وسائل الاعلام تحقيق تقدم في مطالبها من الجهات الحكومية بالشفافية في التعامل وحق الحصول على المعلومة وهي تبقي مصادر تمويلها مجهولة»

ومن هنا تأتي التساؤلات المشروعة:
كيف يمكن لتلك الوسائل أن تكافح الدكتاتورية والفساد وامراض النظام وهي تمارسها في نفس الوقت ؟؟
كيف يمكن أن تتطور تلك الوسائل الإعلامية بدون أية قوانين تعكس شفافيتها وهيكليتها أو بنائها؟؟
وبما أن مسؤولية الإعلام بواقعه ومستقبله تقع على عاتق الأشخاص الذين يتحكمون بهذه الوسائل الأن، فليس هنالك من مبرر أن يظلوا رهن المصالح الشخصية التي ستذهب بهم الى الفشل الحتمي نتيجة تكرار أنفسهم واستهلاك أدواتهم.

وتأتي هذه التساؤلات في الوقت الذي يمر فيه الشعب السوري بأسوء مأساة مرت عليه وهو بأمس الحاجة الى إعلام يواكب تطلعاته وأماله في الحرية.

أحمد فرج