على باب مدرسة في سرمين فتح العام الجديد بابه بمجرزة

على باب مدرسة في سرمين، امتزجت الدماء بماء المطر، وتبعثرت أجساد الأطفال والنساء الممزقة بشظايا القنابل العنقودية التي حملها صاروخ ضخم، ليقضي تسعة مدنيين جلهم من الأطفال والنساء في صباح دام بدأت به المدينة أولى أيام السنة الجديدة.
وعلى ذلك الباب تناثرت دفاتر الأطفال وعرباتهم، صهاريج الماء المثقوبة بفعل الشظايا، أحمرار برك المياه في الشوارع، ثقوب جدران الصفوف، وعمق الرعب في العيون.

وقال الدفاع المدني في إدلب إن 9 شهداء وأكثر من 15 مصابا سقطوا في سقوط صاروخ محمل بالقنابل العنقودية، في ذروة تواجد الأطفال والمعلمين وهو ما زاد من عدد الأصابات.
كما نشر نشطاء صورا لطفل من ضحايا المجزرة قالوا أنه أحد النازحين من مدينة معرة النعمان، بعدما أجبرتهم كثافة القصف الجوي على الهروب من مدينتهم ليلاقوا القصف أينما حلوا.
يقف أحد المفجوعين من المجزرة قائلا:

“هذه الضربة هي للقتل وليست لأي هدف أخر، سقطت نساء حوامل ومعلمات وأطفال وملأ الدم الشوارع، في وقت اكتظت فيه المدينة بالنازحين، وبلغ عدد سكان سرمين أكثر من 80 ألفا بعد أن كان عدد سكانها 20 ألفا فقط”.

في مناشدة يائسة يتساءل الأهالي عن موقف الضامن التركي، عن انسانية العالم الذي أدار وجهه عن مصابهم، عن نواميس الطبيعة ومعنى الحياة في غابة بشرية لم يدركوا أنها وصلت إلى هذا الدرك من الانحطاط.
غطت القنابل العنقودية مساحة كبيرة من المدينة، لتتناثر قنابلها في الفتك بأجساد غضة كانت تحاول أن تستكمل حياتها في مدينة تعتبر من أقدم المدن في سوريا.

يبكي الرجال دموع العجز على خسارتهم لفلذات أكبادهم ونسائهم، بينما يدرك أخرون أن رحلة نزوح جديدة باتت مفروضة عليهم في هروب لم ينته منذ سنوات.

وبينما كان العالم بأكمله يحتفل بأعياد الميلاد كانت طائرات ثلاث تتناوب على قصف مدينة إدلب بثلاث وعشرين غارة لتعلن بدء الاحتفال في تمام الساعة 12 ليلا، واستهدف الطيران الحربي الأطراف الغربية للمدينة دام لأكثر من ساعتين، ووصف بعض الأهالي المشهد بأنه ليلة رعب حقيقية.

قصص مفجعة ترشح من مأساة السوريين في الشمال السوري، تشير في سوداويتها إلى مدى الكارثة التي يعيشها الأهالي هناك، أكثر من 250 ألفا أكتفوا بسلامتهم أحياء وهجروا منازلهم بعد أن أضحى البقاء فيها فعل انتحار، إلى ازرقاق شفاه الأطفال وأقدامهم المبتلة برطوبة الخيام المبتلة التي لم يجدوا غيرها مأوى، إلى التكاليف المادية الباهظة التي أرهقت كبرياء النازحين ووضعتهم أمام معادلة الموت أو الدفع، إلى تجهيز ما يمكن تجهيزه من مبان ما زالت في طور البناء لتكون ملاجئ مؤقتة ريثما يتوضح لهم المصير في الأيام القادمة.

محمد القاسم أحد أهالي مدينة سراقب والذي فضل البقاء تحت القصف مع عائلته لعجزه عن تأمين أجور نقل حاجات بيته وإيجار منزل صار من الصعب الحصول عليه في المناطق الآمنة نسبيا، وصف ساخرا القصف العنقودي على مدينته أمس بأنها حفلة ألعاب لا يشابه قوة الانفجارات فيها أيا من الألعاب النارية في عواصم العالم الكبرى.

وطال القصف الجوي والمدفعي والصاروخي كامل جغرافية محافظة إدلب ومنها: معرة النعمان وسراقب وسرمين النعمان وبلدات معرشورين وتلمنس ومعرشمشة ومعرشمارين وكنصفرة وسفوهن وكفرعويد بريف إدلب الجنوبي، إضافة إلى جسر الشغور، وخان السبل وسرجة ومعردبسة.

ما فاقم من هول المحنة هو ذلك الشعور الجماعي بالذعر، وانكسار مدن بأكملها في هزيمة داخلية لدى الأهالي، بعد أن بات الحامي هو العدو، والصديق هو المضلل، وتركوا وحيدين في مواجهة الحاقد الراغب في الانتقام.

وتعتبر مدينة سرمين من أكثر المدن في محافظة إدلب المستهدفة من قبل الطيران الحربي، كما تعرضت لجرائم هزت وجدان الأهالي بقسوة منها تعرضها لقصف بغاز الكلور من قبل المروحيات التابعة لنظام الأسد في 16 آذار 2015، راح ضحيتها أكثر من عشرة شهداء من بينهم عائلة كاملة وعشرات المصابين بحالات اختناق.

كما تعرضت لمجزرة بحق سبعة عناصر من الدفاع المدني قتلوا بدم بارد برصاصات وجهت إلى الرأس مباشرة وذلك في أب 2017.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*